الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
قَوْلُهُ: وَقِسْمَةُ الاملاك جَائِزَةٌ وَهِيَ نَوْعَانِ قِسْمَةُ تَرَاضٍ وَهِيَ ما فيها ضَرَرٌ أو رَدُّ عِوَضٍ من احدهما كَالدُّورِ الصِّغَارِ وَالْحَمَّامِ وَالْعَضَائِدِ الْمُتَلَاصِقَةِ اللَّاتِي لَا يُمْكِنُ قِسْمَةُ كل عَيْنٍ مُفْرَدَةٍ منها والارض التي في بَعْضِهَا بِئْرٌ أو بِنَاءٌ وَنَحْوُهُ وَلَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ بالاجزاء وَالتَّعْدِيلِ اذا رَضُوا بِقِسْمَتِهَا اعيانا بِالْقِيمَةِ جَازَ بِلَا نِزَاعٍ وَقَوْلُهُ وَهَذِهِ جَارِيَةٌ مَجْرَى الْبَيْعِ لَا يُجْبَرُ عليها الْمُمْتَنِعُ منها وَلَا يَجُوزُ فيها الا ما يَجُوزُ في الْبَيْعِ فَلَوْ قال احدهما انا اخذ الادنى وَيَبْقَى لي في الاعلى تَتِمَّةُ حصتى فَلَا اجبار قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال في الرَّوْضَةِ اذا كان بَيْنَهُمْ مَوَاضِعُ مُخْتَلِفَةٌ اذا اخذ احدهم من كل مَوْضِعٍ منها حَقَّهُ لم يَنْتَفِعْ بِهِ جُمِعَ له حَقُّهُ من كل مَكَان واخذه فاذا كان له سَهْمٌ يَسِيرٌ لَا يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ الا بِإِدْخَالِ الضَّرَرِ على شُرَكَائِهِ وَافْتِيَاتِهِ عليهم مُنِعَ من التَّصَرُّفِ فيه واجبر على بَيْعِهِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَصَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَالْمُصَنِّفُ في الْكَافِي الْبَيْعُ ما فيه رَدُّ عِوَضٍ وان لم يَكُنْ فيه رَدُّ عِوَضٍ فَهِيَ افراز النَّصِيبَيْنِ وَتَمْيِيزُ الْحَقَّيْنِ وَلَيْسَتْ بَيْعًا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ.
فائدة: من دَعَا شَرِيكَهُ إلَى الْبَيْعِ في قِسْمَةِ التَّرَاضِي اجبر فان ابى بِيعَ عَلَيْهِمَا وَقُسِّمَ الثَّمَنُ نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَحَنْبَلٌ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وأصحابه وَذَكَرَهُ في الارشاد وَالْفُصُولِ والايضاح وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهَا وَجَزَمَ بِهِ في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالسَّبْعِينَ وَالزَّرْكَشِيُّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ قال في الْفُرُوعِ وَكَلَامُ الشَّيْخِ يعنى بِهِ الْمُصَنِّفَ وَالْمَجْدَ يَقْتَضِي الْمَنْعَ وَكَذَا حُكْمُ الاجارة وَلَوْ في وَقْفٍ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْوَقْفِ. قَوْلُهُ: وَالضَّرَرُ الْمَانِعُ من الْقِسْمَةِ يَعْنِي قِسْمَةَ الاجبار هو نَقْصُ الْقِيمَةِ بِالتَّسْوِيَةِ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ يَعْنِي في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ أو لَا يَنْتَفِعَانِ بِهِ مَقْسُومًا في ظَاهِرِ كَلَامِ الخرقى وهو رِوَايَةٌ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ اخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وأطلقهما في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ وقال ظَاهِرُ كَلَامِ الامام رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ اعْتِبَارُ النَّفْعِ وَعَدَمُ نَقْصِ قِيمَتِهِ وَلَوْ انْتَفَعَ بِهِ وتقدم [ويقدم] التَّنْبِيهُ على بَعْضِ ذلك في بَابِ الشُّفْعَةِ. قَوْلُهُ: فَإِنْ كان الضَّرَرُ على احدهما دُونَ الاخر كَرَجُلَيْنِ لاحدهما الثُّلُثَانِ وللاخر الثُّلُثُ يَنْتَفِعُ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ بِقَسْمِهَا وَيَتَضَرَّرُ الْآخَرُ فَطَلَبَ من لَا يَتَضَرَّرُ الْقَسْمَ لم يُجْبَرْ الاخر عليه وان طَلَبَهُ الْآخَرُ اجبر الاول هذا اخْتِيَارُ جَمَاعَةٍ من الأصحاب منهم ابو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَنَصَرَاهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ قال الزَّرْكَشِيُّ واليه مَيْلُ الشَّيْخَيْنِ وقال الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ ان طَلَبَهُ الاول اجبر الْآخَرُ وَإِنْ طَلَبَهُ الْمَضْرُورُ لم يُجْبَرْ الْآخَرُ وهو رِوَايَةٌ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ قال الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ بُعْدٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِي وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ انه لَا اجبار على الْمُمْتَنِعِ من الْقِسْمَةِ مِنْهُمَا وَعَلَيْهِ اكثر الأصحاب وَحَكَاهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عن الأصحاب وَقَالُوا هو الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ قال الزَّرْكَشِيُّ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وهو ظَاهِرُ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ. قَوْلُهُ: وان كان بَيْنَهُمَا عُبَيْدٌ أو بَهَائِمُ أو ثِيَابٌ وَنَحْوُهَا فَطَلَبَ احدهما قَسْمَهَا اعيانا بِالْقِيمَةِ لم يُجْبَرْ الْآخَرُ هذا احد الْوُجُوهِ واليه مَيْلُ ابي الْخَطَّابِ وهو احْتِمَالٌ له في الْهِدَايَةِ وقال الْقَاضِي يُجْبَرُ وَظَاهِرُهُ انه سَوَاءٌ تَسَاوَتْ الْقِيمَةُ ام لَا وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَالْمَذْهَبُ ان تَسَاوَتْ الْقِيمَةُ اجبر وَإِلَّا فَلَا نَصَّ عليه قال في الْفُرُوعِ اجبر الْمُمْتَنِعُ في الْمَنْصُوصِ ان تَسَاوَتْ الْقِيمَةُ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْقَاضِي وَمَنْ تَابَعَهُ.
تنبيه: مَحَلُّ الْخِلَافِ اذا كانت من جِنْسٍ وَاحِدٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ اذا كانت من نَوْعٍ وَاحِدٍ.
فائدة: الْآجُرُّ وَاللَّبِنُ الْمُتَسَاوِي الْقَوَالِبِ من قِسْمَةِ الاجزاء وَالْمُتَفَاوِتُ من قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ. قَوْلُهُ: وان كان بَيْنَهُمَا حَائِطٌ لم يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ من قَسْمِهِ فَإِنْ اسْتُهْدِمَ يَعْنِي حتى بَقِيَ عَرْصَةً لم يُجْبَرْ على قَسْمِ عَرْصَتِهِ هذا احد الْوَجْهَيْنِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وقال أصحابنَا إنْ طَلَبَ قِسْمَتَهَا طُولًا بِحَيْثُ يَكُونُ له نِصْفُ الطُّولِ في كَمَالِ الْعَرْضِ أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ وَإِنْ طَلَبَ قِسْمَتَهَا عَرْضًا وَكَانَتْ تَسَعُ حَائِطَيْنِ أُجْبِرَ وَإِلَّا فَلَا وَنَسَبَهُ في الْفُرُوعِ إلَى الْقَاضِي فَقَطْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ قال الأدمى في مُنْتَخَبِهِ وَلَا إجْبَارَ في حَائِطٍ إلَّا أَنْ يَتَّسِعَ لِحَائِطَيْنِ وقال أبو الْخَطَّابِ في الْحَائِطِ لَا يُجْبَرُ على قَسْمِهَا بِحَالٍ وقال في الْعَرْصَةِ كَقَوْلِ الْأصحاب وَقَالَهُ في الْمُذْهَبِ وَقِيلَ لَا إجْبَارَ في الْحَائِطِ وَالْعَرْصَةِ إلَّا في قِسْمَةِ الْعَرْصَةِ طُولًا في كَمَالِ الْعَرْضِ خَاصَّةً وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
فائدتان: إحْدَاهُمَا: حَيْثُ قُلْنَا بِجَوَازِ الْقِسْمَةِ في هذا فَقِيلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ ما يَلِيه وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ قال في المغنى الشَّرْحُ وَإِنْ حَصَلَ له ما يُمْكِنُ بِنَاءُ حَائِطِهِ فيه أُجْبِرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُجْبَرَ لِأَنَّهُ لَا تَدْخُلُهُ الْقُرْعَةُ خَوْفًا من أَنْ يَحْصُلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ما يَلِي مِلْكَ الْآخِرِ انْتَهَيَا وَقِيلَ بِالْقُرْعَةِ قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأصحاب وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: وان كان بَيْنَهُمَا دَارٌ لها عُلْوٌ وَسُفْلٌ فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهَا لِأَحَدِهِمَا الْعُلْوُ وللأخر السُّفْلُ لم يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ من قَسْمِهَا بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا لو طَلَبَ قِسْمَةَ السُّفْلِ دُونَ الْعُلْوِ أو الْعَكْسَ أو قِسْمَةَ كل وَاحِدٍ على حِدَةٍ وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهَا مَعًا وَلَا ضَرَرَ وَجَبَ وَعُدِّلَ بِالْقِيمَةِ لَا ذِرَاعُ سُفْلٍ بِذِرَاعَيْ عُلْوٍ وَلَا ذِرَاعٌ بِذِرَاعٍ. قَوْلُهُ: وان كان بَيْنَهُمَا مَنَافِعُ لم يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ من قَسْمِهَا هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَجَزَمَ بِهِ في الْمَذْهَبِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وتذكره ابن عبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْقَاعِدَةِ السادسه وَالسَّبْعِينَ هذا الْمَشْهُورُ ولم يذكر الْقَاضِي وَأصحابهُ في الْمَذْهَبِ سواه [سواء] وَفَرَّقُوا بين المهاياة وَالْقِسْمَةِ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازُ أَحَدِ الْمِلْكَيْنِ من الْآخَرِ وَالْمُهَايَأَةُ مُعَاوَضَةٌ حَيْثُ كانت اسْتِيفَاءً لِلْمَنْفَعَةِ من مِثْلِهَا في زَمَنٍ آخَرَ وَفِيهَا تَأْخِيرُ أَحَدِهِمَا عن اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ وَعَنْهُ يُجْبَرُ وَاخْتَارَ في الْمُحَرَّرِ يُجْبَرُ في الْقِسْمَةِ بِالْمَكَانِ إذَا لم يَكُنْ فيه ضَرَرٌ وَلَا يُجْبَرُ بِقِسْمَةِ الزَّمَانِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَاضَيَا على قَسْمِهَا كَذَلِكَ أو على قَسْمِ الْمَنَافِعِ بِالْمُهَايَأَةِ جَازَ إذَا اقْتَسَمَا الْمَنَافِعَ بِالزَّمَانِ أو الْمَكَانِ صَحَّ وكان ذلك جَائِزًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَالتَّرْغِيبِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَ في الْمُحَرَّرِ لُزُومَهُ إنْ تَعَاقَدَا مُدَّةً مَعْلُومَةً وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَذَكَرَ بن البناء [البنا] في الْخِصَالِ أَنَّ الشُّرَكَاءَ إذَا اخْتَلَفُوا في مَنَافِعِ دَارٍ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَاكِمَ يُجْبِرُهُمْ على قَسْمِهَا بالمهايأه أو يُؤَجِّرُهَا عليهم قال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ لَازِمًا بِالْمَكَانِ مُطْلَقًا فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو رَجَعَ أَحَدُهُمَا قبل اسْتِيفَاءِ نَوْبَتِهِ فَلَهُ ذلك وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ غَرِمَ ما انْفَرَدَ بِهِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا تَنْفَسِخُ حتى يَنْقَضِيَ الدُّورُ وَيَسْتَوْفِي كُلُّ وَاحِدٍ حَقَّهُ انتهى. وَلَوْ اسْتَوْفَى أَحَدُهُمَا نَوْبَتَهُ ثُمَّ تَلِفَتْ الْمَنَافِعُ في مُدَّةِ الْآخَرِ قبل تَمَكُّنِهِ من الْقَبْضِ فَأَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ على الْأَوَّلِ بِبَدَلِ حِصَّتِهِ من تِلْكَ الْمُدَّةِ ما لم يَكُنْ رضى بِمَنْفَعَتِهِ في الزَّمَنِ الْمُتَأَخِّرِ على أَيِّ حَالٍ كان
فائدتان: أحداهما لو انْتَقَلَتْ كَانْتِقَالِ مِلْكِ وَقْفٍ فَهَلْ تَنْتَقِلُ مَقْسُومَةً أَمْ لَا قال في الْفُرُوعِ فيه نَظَرٌ فَإِنْ كانت إلي مُدَّةٍ لَزِمَتْ الْوَرَثَةَ والمشترى قال ذلك الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال أَيْضًا مَعْنَى الْقِسْمَةِ هُنَا قَرِيبٌ من مَعْنَى الْبَيْعِ وقد يُقَالُ يَجُوزُ التَّبْدِيلُ كَالْحَبِيسِ والهدى وقال أَيْضًا صَرَّحَ الْأصحاب بِأَنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ إذَا كان على جِهَتَيْنِ فَأَمَّا الْوَقْفُ على جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا تُقْسَمُ عَيْنُهُ قِسْمَةً لَازِمَةً اتِّفَاقًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لَكِنْ تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ وَهِيَ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ وَلَا فَرْقَ في ذلك بين مُنَاقَلَةِ الْمَنَافِعِ وَبَيْنَ تَرْكِهَا على المهايأه بِلَا مُنَاقَلَةٍ انتهى. قال في الْفُرُوعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ما ذَكَرَ شَيْخُنَا عن الْأصحاب وَجْهٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا فَرْقَ وهو أَظْهَرُ وفي الْمُبْهِجِ لُزُومُهَا إذَا اقْتَسَمُوهَا بانفسهم قال وَكَذَا إنْ تَهَايَئُوا وَنَقَلَ أبو الصَّقْرِ فِيمَنْ وَقَفَ ثُلُثَ قَرْيَتِهِ فَأَرَادَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بَيْعَ نَصِيبِهِ كَيْفَ بِيعَ قال يُفْرِزُ الثُّلُثَ مِمَّا لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ شاؤوا بَاعُوا أو تَرَكُوا. الثَّانِيَةُ: نَفَقَةُ الْحَيَوَانِ مُدَّةُ كل وَاحِدٍ عليه وَإِنْ نَقَصَ الْحَادِثُ عن الْعَادَةِ فَلِلْآخَرِ الْفَسْخُ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كان بَيْنَهُمَا أَرْضٌ ذَاتُ زَرْعٍ فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهَا دُونَ الزَّرْعِ قُسِمَتْ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ قال في الرِّعَايَتَيْنِ قُسِمَتْ على الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ قال الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَجِبَ. قَوْلُهُ: وَإِنْ طَلَبَ قَسْمَهَا مع الزَّرْعِ لم يُجْبَرْ الْآخَرُ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِير وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وقال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالْكَافِي يُجْبَرُ سَوَاءٌ اشْتَدَّ حَبُّهُ أو كان قَصِيلًا لِأَنَّ الزَّرْعَ كَالشَّجَرِ في الْأَرْضِ وَالْقِسْمَةُ إفْرَازُ حَقٍّ وَلَيْسَتْ بَيْعًا وَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ لم يَجُزْ وَلَوْ اشْتَدَّ الْحَبُّ لِتَضَمُّنِهِ بَيْعَ السُّنْبُلِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ إذَا اشْتَدَّ الْحَبُّ لِأَنَّ السَّنَابِلَ هُنَا دَخَلَتْ تَبَعًا لِلْأَرْضِ وَلَيْسَتْ الْمَقْصُودَةُ فَأَشْبَهَ النَّخْلَةَ الْمُثْمِرَةَ بِمِثْلِهَا. قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَاضَوْا عليه وَالزَّرْعُ قَصِيلٌ أو قَطِينٌ جَازَ وإن وَإِنْ كان بَذْرًا أو سَنَابِلَ قد اشْتَدَّ حَبُّهَا فَهَلْ يَجُوزُ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْمُذْهَبِ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ وهو الْمَذْهَبُ قال في الْخُلَاصَةِ لم يَجُزْ في الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ مع تَرَاضِيهِمَا وقال الْقَاضِي يَجُوزُ في السَّنَابِلِ وَلَا يَجُوزُ في الْبَذْرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي في السَّنَابِلِ وَقَدَّمَ في الْبَذْرِ لَا يَجُوزُ وقال في التَّرْغِيبِ مَأْخَذُ الْخِلَافِ هل هِيَ إفْرَازٌ أو بَيْعٌ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كان بَيْنَهُمَا نَهْرٌ أو قَنَاةٌ أو عَيْنٌ يَنْبُعُ مَاؤُهَا فَالْمَاءُ بَيْنَهُمَا على ما اشْتَرَطَاهُ عِنْدَ اسْتِخْرَاجِ ذلك فَإِنْ اتَّفَقَا على قَسْمِهِ بالمهايأه بِزَمَنٍ جَازَ وَإِنْ أَرَادَا قَسْمَ ذلك بِنَصْبِ خَشَبَةٍ أو حَجَرٍ مستوي [غبن] في مَصْدَمِ الْمَاءِ فيه ثُقْبَانِ على قَدْرِ حَقِّ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَازَ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَتَقَدَّمَ هذا وَغَيْرُهُ في بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْقِيَ بِنَصِيبِهِ أَرْضًا ليس لها رَسْمُ شِرْبٍ من هذا النَّهْرِ جَازَ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجُوزَ وهو وَجْهٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وقال الْمُصَنِّفُ هُنَا ويجىء [ويجيء] على أَصْلِنَا أَنَّ الْمَاءَ لَا يُمْلَكُ وَيَنْتَفِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا على قَدْرِ حَاجَتِهِ وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ له ذلك إذَا قُلْنَا لَا يُمْلَكُ الْمَاءُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْتَفِعَ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ وَتَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في كِتَابِ الْبَيْعِ وَذَكَرْنَا ما فيه من الْخِلَافِ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا هذا في بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَفُرُوعٍ أُخْرَى كَثِيرَةٍ فَلْيُعَاوَدْ. قَوْلُهُ: النَّوْعُ الثَّانِي قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ وَهِيَ ما لَا ضَرَرَ فيها وَلَا رَدُّ عِوَضٍ كَالْأَرْضِ الْوَاسِعَةِ وَالْقُرَى وَالْبَسَاتِينِ وَالدُّورِ الْكِبَارِ وَالدَّكَاكِينِ الْوَاسِعَةِ وَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ من جِنْسٍ وَاحِدٍ سَوَاءٌ كان مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ كَالدِّبْسِ وَخَلِّ التَّمْرِ أو لم تَمَسَّهُ كَخَلِّ الْعِنَبِ وَالْأَدْهَانِ وَالْأَلْبَانِ وَنَحْوِهَا بِلَا نِزَاعٍ وَقَوْلُهُ فإذا طَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهُ وَأَبَى الْآخَرُ أُجْبِرَ عليه بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا يُجْبَرُ وَلِيُّ من ليس أَهْلًا لِلْقِسْمَةِ لَكِنْ مع غَيْبَةِ الْوَلِيِّ هل يَقْسِمُ الْحَاكِمُ عليه فيه وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا في التَّرْغِيبِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا مُطْلَقَيْنِ في الْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا يَقْسِمُهُ الْحَاكِمُ قُلْت وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْوَلِيِّ قال في الْمُحَرَّرِ وَيَقْسِمُ الْحَاكِمُ علي الْغَائِبِ في قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَكَذَا في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وقال في الرِّعَايَةِ وَيَقْسِمُ الْحَاكِمُ على الْغَائِبِ في قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَقِيلَ إنْ كان له وَكِيلٌ حَاضِرٌ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وقال وَوَلِيُّ الْمَوْلَى عليه في قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ كَهُوَ وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّ الْحَاكِمَ يَقْسِمُهُ مع غَيْبَةِ الْوَلِيِّ وقال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ فَإِنْ كان الْمُشْتَرَكُ مِثْلِيًّا في قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وهو الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ فَهَلْ يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ أَخْذُ قَدْرِ حَقِّهِ بِدُونِ إذْنِ الْحَاكِمِ إذَا امْتَنَعَ الْآخَرُ أو غَابَ على وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ وهو قَوْلُ أبى الْخَطَّابِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ وهو قَوْلُ الْقَاضِي لِأَنَّ الْقِسْمَةَ مُخْتَلَفٌ في كَوْنِهَا بَيْعًا وَإِذْنُ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ النِّزَاعَ وَالثَّانِي لَا يَقْسِمُهُ.
فائدة: قال جَمَاعَةٌ عن قَسْمِ الْإِجْبَارِ يَقْسِمُ الْحَاكِمُ إنْ ثَبَتَ مِلْكُهَا عِنْدَهُ منهم الْخِرَقِيُّ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ عليه وَقَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بِخَطِّهِ مُلْحَقًا ولم يَذْكُرْهُ آخَرُونَ منهم أبو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ كَبَيْعِ مَرْهُونٍ وَعَبْدٍ جَانٍ وقال كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في بَيْعِ ما لَا يُقْسَمُ وَقُسِمَ ثَمَنُهُ عَامٌّ فِيمَا ثَبَتَ أَنَّهُ مِلْكُهُمَا وما لم يَثْبُتْ كَجَمِيعِ الْأَمْوَالِ التي تُبَاعُ قال وَمِثْلُ ذلك لو جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَزَعَمَتْ أنها خَلِيَّةٌ لَا وَلِيَّ لها هل يُزَوِّجُهَا بِلَا بَيِّنَةٍ وَنَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِسَهْمٍ من ضَيْعَةٍ بِيَدِ قَوْمٍ فَهَرَبُوا منه يُقْسَمُ عليهم وَيَدْفَعُ إلَيْهِ حَقَّهُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنْ لم يَثْبُتْ مِلْكُ الْغَائِبِ قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ أَنَّهُ يَجُوزُ ثُبُوتُهُ وَأَنَّهُ أَوْلَى وهو مُوَافِقٌ لَمَا يَأْتِي في الدَّعْوَى قال في الْمُحَرَّرِ وَيَقْسِمُ حَاكِمٌ على غَائِبٍ قِسْمَةَ إجْبَارٍ وقال في الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ بَلْ مع وَكِيلِهِ فيها الْحَاضِرِ وَاخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ في عَقَارٍ بِيَدِ غَائِبٍ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في قَرْيَةٍ مُشَاعَةٍ قَسَمَهَا فَلَّاحُوهَا هل يَصِحُّ قال إذَا تهايؤها [تهايئوها] وَزَرَعَ كُلٌّ منهم حِصَّتَهُ فَالزَّرْعُ له وَلِرَبِّ الآرض نَصِيبُهُ إلَّا أَنَّ من تَرَكَ نَصِيبَ مَالِكِهِ فَلَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ الْفَضْلَةِ أو مُقَاسَمَتُهَا. قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْقِسْمَةُ إفْرَازُ حَقِّ أَحَدِهِمَا من الْآخَرِ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَلَيْسَتْ بَيْعًا وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وهو الْمَذْهَبُ كما قال وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ الْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأصحاب وَحَكَى عن أبي عبد اللَّه ابن بَطَّةَ ما يَدُلُّ على أنها بَيْعٌ قال الزَّرْكَشِيُّ وَقَعَ في تَعَالِيقِ أبي حَفْصٍ الْعُكْبَرِيِّ عن شَيْخِه ابن بَطَّةَ أَنَّهُ مَنَعَ قِسْمَةَ الثِّمَارِ التي يَجْرِي فيها الرِّبَا خَرْصًا وَأَخَذَ من هذا أنها عِنْدَهُ بَيْعٌ انتهى. وَحَكَى الْآمِدِيُّ فيه رِوَايَتَيْنِ قال الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ الذي تَحَرَّرَ عِنْدِي فِيمَا فيه رَدٌّ أَنَّهُ بَيْعٌ فِيمَا يُقَابِلُ الرَّدَّ وَإِفْرَازٌ في الْبَاقِي لِأَنَّ أصحابنَا قالوا في قِسْمَةِ الْمُطْلَقِ عن الْوَقْفِ إذَا كان فيها رَدٌّ من جِهَةِ صَاحِبِ الْوَقْفِ جَازَ لِأَنَّهُ يَشْتَرِي بِهِ الطَّلْقَ وَإِنْ كان من صَاحِبِ الطَّلْقِ لم يَجُزْ انتهى. وَيَنْبَنِي على هذا الْخِلَافِ.
فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْضَهَا هُنَا وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ وذكروا [ذكروا] فَوَائِدَ أُخَرَ فَمِنْهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ قَسْمُ الْوَقْفِ على الْمَذْهَبِ أَعْنِي بِلَا رَدِّ عِوَضٍ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَجُوزُ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وقال في الْقَوَاعِدِ هل يَجُوزُ قِسْمَتُهُ فيه طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَإِفْرَازِ الطَّلْقِ من الْوَقْفِ وهو الْمَجْزُومُ بِهِ في الْمُحَرَّرِ قُلْت وفي غَيْرِهِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قِسْمَتُهُ على الْوَجْهَيْنِ جميعا على الْأَصَحِّ وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ فَهُوَ مُخْتَصٌّ بِمَا إذَا كان وَقْفًا على جِهَتَيْنِ لَا على جِهَةٍ وَاحِدَةٍ صَرَّحَ بِهِ الْأصحاب نَقَلَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ انتهى. قُلْت تَقَدَّمَ لَفْظُهُ قبل [قيل] ذلك في الْفَائِدَةِ الْأُولَى: عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ تَرَاضَيَا على قَسْمِهَا كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ وَكَلَامُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ هُنَاكَ أَيْضًا وَمِنْهَا إذَا كان نِصْفُ الْعَقَارِ طَلْقًا وَنِصْفُهُ وَقْفًا جَازَتْ قِسْمَتُهُ على الْمَذْهَبِ لَكِنْ بِلَا رَدٍّ من رَبِّ الطَّلْقِ وقال في الْمُحَرَّرِ عَلَيْهِمَا إنْ كان الرَّدُّ من رَبِّ الْوَقْفِ لِرَبِّ الطَّلْقِ جَازَتْ قِسْمَتُهُ بِالرِّضَى في الْأَصَحِّ انتهى. وَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ لم يَجُزْ وَمِنْهَا جَوَازُ قِسْمَةِ الثِّمَارِ خَرْصًا وَقِسْمَةُ ما يُكَالُ وَزْنًا وما يُوزَنُ كَيْلًا وَتَفَرُّقِهِمَا قبل الْقَبْضِ فِيهِمَا على الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ في جَوَازِ الْقِسْمَةِ بِالْخَرْصِ وقال في التَّرْغِيبِ يَجُوزُ في الْأَصَحِّ فِيهِمَا وقال في الْقَوَاعِدِ وَكَذَلِكَ لو تَقَاسَمُوا الثمر على الشَّجَرِ قبل صَلَاحِهِ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ انتهى. وَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ لم يَصِحَّ في ذلك كُلِّهِ وَمِنْهَا إذَا حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَقَاسَمَ لم يَحْنَثْ على الْمَذْهَبِ وَيَحْنَثُ إنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ قال في الْقَوَاعِدِ وقد يُقَالُ الأيمان مَحْمُولَةٌ على الْعُرْفِ وَلَا تُسَمَّى الْقِسْمَةُ بَيْعًا في الْعُرْفِ فَلَا يَحْنَثُ بها وَلَا بِالْحَوَالَةِ وإلإقالة وَإِنْ قِيلَ هِيَ بُيُوعٌ وَمِنْهَا ما قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ لو حَلَفَ لَا ياكل مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ فَاشْتَرَى زَيْدٌ وَعَمْرٌو طَعَامًا مَشَاعًا وَقُلْنَا يَحْنَثُ بِالْأَكْلِ منه فَتَقَاسَمَاهُ ثُمَّ أَكَلَ الْحَالِفُ من نَصِيبِ عَمْرٍو فذكر الْآمِدِيُّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازُ حَقٍّ لَا بَيْعٌ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَحْنَثُ إذَا قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ وقال الْقَاضِي الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَحْنَثُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لَا تُخْرِجُهُ عن أَنْ يَكُونَ زَيْدٌ اشْتَرَاهُ وَيَحْنَثُ عِنْدَ أصحابنَا بِأَكْلِ ما اشتراه زَيْدٌ وَلَوْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ عنه إلَى غَيْرِهِ وفي الْمُغْنِي احْتِمَالٌ لَا يَحْنَثُ هُنَا وَعَلَيْهِ يَتَخَرَّجُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إذَا قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ وَمِنْهَا لو كان بَيْنَهُمَا مَاشِيَةٌ مُشْتَرَكَةٌ فَاقْتَسَمَاهَا في أَثْنَاءِ الْحَوْلِ وَاسْتَدَامَا خلطة [المقطع] الْأَوْصَافِ فَإِنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ لم يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ بغيرخلاف وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ خَرَجَ على بَيْعِ الْمَاشِيَةِ بِجِنْسِهَا في أَثْنَاءِ الْحَوْلِ هل يَقْطَعُهُ أَمْ لَا وَمِنْهَا إذَا تَقَاسَمَا وَصَرَّحَا بِالتَّرَاضِي وَاقْتَصَرَا على ذلك إنْ قُلْنَا إفْرَازٌ صَحَّتْ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ فَوَجْهَانِ في التَّرْغِيبِ وَكَأَنَّ مَأْخَذَهُمَا الْخِلَافُ في اشْتِرَاطِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ انها تَصِحُّ بِلَفْظِ الْقِسْمَةِ على الْوَجْهَيْنِ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا تَصِحَّ من الرِّوَايَةِ التي حَكَاهَا في التَّلْخِيصِ بِاشْتِرَاطِ لَفْظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَمِنْهَا قِسْمَةُ الْمَرْهُونِ كُلِّهِ أو نِصْفِهِ مُشَاعًا إنْ قُلْنَا هِيَ إفْرَازٌ صَحَّتْ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ لم تَصِحَّ وَلَوْ اسْتَقَرَّ بها الْمُرْتَهِنُ بِأَنْ رَهَنَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ من حَقٍّ مُعَيَّنٍ من دَارٍ ثُمَّ اقْتَسَمَا فَحَصَلَ الْبَيْتُ في حِصَّةِ شَرِيكِهِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي لَا يُمْنَعُ منه على الْقَوْلِ بِالْإِقْرَارِ وقال صَاحِبُ المغنى يُمْنَعُ منه وَمِنْهَا ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَفِيهِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا بِنَاؤُهُ على الْخِلَافِ فَإِنْ قُلْنَا إفْرَازٌ لم يَثْبُتْ فيها خِيَارٌ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ ثَبَتَ وهو الْمَذْكُورُ في الْفُصُولِ وَالتَّلْخِيصِ وَفِيهِ ما يُوهِمُ اخْتِصَاصَ الْخِلَافِ في خِيَارِ الْمَجْلِسِ فَأَمَّا خِيَارُ الشَّرْطِ فَلَا يَثْبُتُ فيها على الْوَجْهَيْنِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يَثْبُتُ فيها خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ على الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَمِنْهَا ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ بِالْقِسْمَةِ وَفِيهِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا بِنَاؤُهُ على الْخِلَافِ إنْ قُلْنَا إفْرَازٌ لم يَثْبُتْ وَإِلَّا ثَبَتَ وهو الذي ذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ في بَابِ الرِّبَا وَالطَّرِيقُ الثَّانِي لَا يُوجِبُ الشُّفْعَةَ على الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهَا في الْفُرُوعِ لِأَنَّهُ لو ثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا على الْآخَرِ لَثَبَتَ لِلْآخَرِ عليه فَيَتَنَافَيَانِ قُلْت وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الصَّوَابُ وَمِنْهَا قِسْمَةُ الْمُتَشَارِكَيْنِ في الهدى وَالْأَضَاحِيِّ اللَّحْمَ فَإِنْ قُلْنَا إفْرَازُ حَقٍّ جَازَ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ لم يَجُزْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأصحاب قُلْت لو قِيلَ بِالْجَوَازِ على الْقَوْلَيْنِ لَكَانَ أَوْلَى وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مُرَادُهُمْ وَمِنْهَا لو ظَهَرَ في الْقِسْمَةِ غَبْنٌ فَاحِشٌ فَإِنْ قُلْنَا هِيَ إفْرَازٌ لم تَصِحَّ لِتَبَيُّنِ فَسَادِ الْإِفْرَازِ وَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ صَحَّتْ وَثَبَتَ خِيَارُ الْغَبْنِ ذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَمِنْهَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ وَزَوْجَتُهُ حَامِلٌ وَقُلْنَا لها السُّكْنَى فَأَرَادَ الْوَرَثَةُ قِسْمَةَ الْمَسْكَنِ قبل انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ من غَيْرِ إضْرَارٍ بها بِأَنْ يُعَلِّمُوا الْحُدُودَ بِخَطٍّ أو نَحْوِهِ من غَيْرِ نَقْضٍ وَلَا بِنَاءٍ فقال في الْمُغْنِي يَجُوزُ ذلك ولم يَبْنِهِ على الْخِلَافِ في الْقِسْمَةِ مع أَنَّهُ قال لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَسْكَنِ في هذه الْحَالِ لِجَهَالَةِ مُدَّةِ الْحَمْلِ الْمُسْتَثْنَاةِ فيه حُكْمًا وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّ هذا يُغْتَفَرُ في الْقِسْمَةِ على الْوَجْهَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ مَتَى قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ وَأَنَّ بَيْعَ هذا الْمَسْكَنِ يَصِحُّ لم تَصِحَّ الْقِسْمَةُ قَالَهُ في الْفَوَائِدِ وَمِنْهَا قِسْمَةُ الدَّيْنِ في ذِمَمِ الْغُرَمَاءِ وَتَقَدَّمَ ذلك مستوفي في أَوَائِلِ كِتَابِ الشَّرِكَةِ في أَثْنَاءِ شَرِكَةِ الْعَنَانَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ تَقَاسَمَا الدَّيْنَ في الذِّمَّةِ وَمِنْهَا قَبْضُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ من الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ المثلى مع غَيْبَةِ الْآخَرِ أو امْتِنَاعِهِ من الْإِذْنِ بِدُونِ إذْنِ حَاكِمٍ وَفِيهِ وَجْهَانِ وَهُمَا على قَوْلِنَا هِيَ إفْرَازٌ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ لم يَجُزْ وَجْهًا وَاحِدًا فَأَمَّا غَيْرُ المثلى فَلَا يُقْسَمُ إلَّا مع الشَّرِيكِ أو من يَقُومُ مَقَامَهُ وَمِنْهَا لو اقْتَسَمَا أَرْضًا أو دَارَيْنِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ أو إحْدَى الدَّارَيْنِ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ الْبَابِ وَمِنْهَا لو اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ الْعَقَارَ ثُمَّ ظَهَرَ على الْمَيِّتِ دَيْنٌ أو وَصِيَّةٌ وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ الْبَابِ وَمِنْهَا لو اقْتَسَمَا دَارًا فَحَصَلَ الطَّرِيقُ في نَصِيبِ أَحَدِهِمَا ولم يَكُنْ لِلْآخَرِ مَنْفَذٌ وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ الْبَابِ. قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لِلشُّرَكَاءِ أَنْ يَنْصِبُوا قَاسِمًا يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ وَأَنْ يَسْأَلُوا الْحَاكِمَ نَصْبَ قَاسِمٍ يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ: وَمِنْ شَرْطِ من يُنْصَبُ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا عَارِفًا بِالْقِسْمَةِ وَكَذَا يُشْتَرَطُ إسْلَامُهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ يَعْرِفُ الْحِسَابَ لِأَنَّهُ كَالْخَطِّ لِلْكَاتِبِ وقال في الْكَافِي وَالتَّرْغِيبِ تُشْتَرَطُ عَدَالَةُ قَاسِمِهِمْ لِلُّزُومِ وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ تُشْتَرَطُ عَدَالَةُ قَاسِمِهِمْ وَمَعْرِفَتُهُ لِلُّزُومِ وَقِيلَ أن نَصَبُوا غير عَدْلٍ صَحَّ. قَوْلُهُ: فَمَتَى عُدِّلَتْ السِّهَامُ وَخَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَزِمَتْ الْقِسْمَةُ هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَلْزَمَ فِيمَا فيه رَدٌّ بِخُرُوجِ الْقُرْعَةِ حتى يَرْضَيَا بِذَلِكَ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَقِيلَ لَا تَلْزَمُ فِيمَا فيه رَدُّ حَقٍّ أو ضَرَرٌ إلَّا بِالرِّضَا بَعْدَهَا وَقِيلَ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالرِّضَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ وقال في المغنى وَالْكَافِي لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالرِّضَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ إنْ اقْتَسَمَا بِأَنْفُسِهِمَا وقال في الرِّعَايَةِ وَلِلشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةُ بِأَنْفُسِهِمْ وَلَا تَلْزَمُ بِدُونِ رِضَاهُمْ وَيُقَاسِمُ عَالِمٌ بها يَنْصِبُونَهُ فَإِنْ كان عَدْلًا لَزِمَتْ قِسْمَتُهُ بِدُونِ رِضَاهُمْ وَإِلَّا فَلَا أو بِعَدْلٍ عَارِفٍ بِالْقِسْمَةِ يَنْصِبُهُ حَاكِمٌ بِطَلَبِهِمْ وَتَلْزَمُ قِسْمَتُهُ وَإِنْ كان عَبْدًا وَمَعَ الرَّدِّ فيها وَجْهَانِ انتهى.
فائدة: لو خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لَزِمَ بِرِضَاهُمَا وَتَفَرُّقِهِمَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ من الْأصحاب وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كان في الْقِسْمَةِ تَقْوِيمٌ لم يَجُزْ أَقَلُّ من قَاسِمَيْنِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يجرى [يجزي] قَاسِمٌ وَاحِدٌ كما لو خَلَتْ من تَقْوِيمٍ
فائدتان: إحْدَاهُمَا: تُبَاحُ أُجْرَةُ الْقَاسِمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ هِيَ كَقُرْبَةٍ نَقَلَ صَالِحٌ أَكْرَهُهُ وَنَقَلَ عبد اللَّهِ أَتَوَقَّاهُ والأجره على قَدْرِ الْأَمْلَاكِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم زَادَ في التَّرْغِيبِ إذَا أَطْلَقَ الشُّرَكَاءُ الْعَقْدَ وَأَنَّهُ لَا يَنْفَرِدُ وَاحِدٌ بالإستئجار بِلَا إذْنٍ وَقِيلَ بِعَدَدِ الْمُلَّاكِ وقال في الْكَافِي هِيَ على ما شَرَطَاهُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ أُجْرَةُ شَاهِدٍ يَخْرُجُ لِقِسْمِ الْبِلَادِ وَوَكِيلٍ وَأَمِينٍ لِلْحِفْظِ على مَالِكٍ وَفَلَّاحٍ كَأَمْلَاكٍ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قال فإذا ما نَهِمَ الْفَلَّاحُ بِقَدْرِ ما عليه أو يَسْتَحِقُّهُ الضَّيْفُ حَلَّ لهم قال وَإِنْ لم يَأْخُذْ الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِ إلَّا قَدْرَ عَمَلِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَالزِّيَادَةِ يَأْخُذُهَا الْمُقْطِعُ فَالْمُقْطِعُ هو الذي ظَلَمَ الْفَلَّاحِينَ فإذا أَعْطَى الْوَكِيلُ الْمُقْطِعَ من الضَّرِيبَةِ ما يَزِيدُ على أُجْرَةِ مِثْلِهِ ولم يَأْخُذْ لِنَفْسِهِ إلَّا أُجْرَةَ عَمَلِهِ جَازَ له ذلك وقال ابن هُبَيْرَةَ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ في أَجْرِ الْقَسَّامِ فقال قَوْمٌ على الْمُزَارِعِ وقال قَوْمٌ على بَيْتِ الْمَالِ وقال قَوْمٌ عَلَيْهِمَا. الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: فإذا سَأَلُوا الْحَاكِمَ قِسْمَةَ عَقَارٍ لم يَثْبُتْ عِنْدَهُ أَنَّهُ لهم قَسَمَهُ وَذَكَرَ في كِتَابِ الْقِسْمَةِ أَنَّ قَسْمَهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُمْ لَا عن بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ لهم بِمِلْكِهِمْ هذا بِلَا نِزَاعٍ قال الْقَاضِي عَلَيْهِمَا بِإِقْرَارِهِمَا لَا على غَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ: وَيُعَدِّلُ الْقَاسِمُ السِّهَامَ بِالْأَجْزَاءِ إنْ كانت مُتَسَاوِيَةً وَبِالْقِيمَةِ إنْ كانت مُخْتَلِفَةً وَبِالرَّدِّ إنْ كانت تَقْتَضِيه ثُمَّ يُقْرِعُ بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَ له سَهْمٌ صَارَ له بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: وَكَيْفَمَا أَقْرَعَ جَازَ إلَّا أَنَّ الْأَحْوَطَ أَنْ يَكْتُبَ اسْمَ كل وَاحِدٍ من الشُّرَكَاءِ في رُقْعَةٍ ثُمَّ يُدْرِجَهَا في بَنَادِقِ شَمْعٍ أو طِينٍ مُتَسَاوِيَةِ الْقَدْرِ وَالْوَزْنِ وَتُطْرَحُ في حِجْرِ من لم يَحْضُرْ ذلك وَيُقَالُ له أَخْرِجْ بُنْدُقَةً على هذا السَّهْمِ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ كان له ثُمَّ الثَّانِي كَذَلِكَ وَالسَّهْمُ الْبَاقِي لِلثَّالِثِ إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً وَسِهَامُهُمْ مُتَسَاوِيَةً وَإِنْ كَتَبَ اسْمَ كل سَهْمٍ في رُقْعَةٍ وقال أَخْرِجْ بُنْدُقَةً بِاسْمِ فُلَانٍ وَأَخْرِجْ الثَّانِيَةَ بِاسْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثَةَ لِلثَّالِثِ جَازَ وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يُخَيَّرُ في هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ قال الشَّارِحُ وَاخْتَارَ أصحابنَا في الْقُرْعَةِ أَنْ يَكْتُبَ رِقَاعًا مُتَسَاوِيَةً بِعَدَدِ السِّهَامِ وهو ها [ههنا] هنا [مخير] مخيرين بين أَنْ يُخْرِجَ السِّهَامَ على الْأَسْمَاءِ أو يُخْرِجَ الْأَسْمَاءَ على السِّهَامِ انتهى. وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ أَنَّ الْبَنَادِقَ تُجْعَلُ طِينًا وَتُطْرَحُ في مَاءٍ وَيُعَيِّنُ وَاحِدًا فَأَيُّ الْبَنَادِقِ انْحَلَّ الطِّينُ عنها وَخَرَجَتْ رُقْعَتُهَا على الْمَاءِ فَهِيَ له وَكَذَلِكَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وما بَعْدَهُ فَإِنْ خَرَجَ اثْنَانِ مَعًا أُعِيدَ الْإِقْرَاعُ انتهى. قَوْلُهُ: فَإِنْ كانت السِّهَامُ مُخْتَلِفَةً كَثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمْ النِّصْفُ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ وَلِلْآخَرِ السُّدُسُ فإنه يُجَزِّئُهَا سِتَّةَ أَجْزَاءٍ وَتَخْرُجُ الْأَسْمَاءُ على السِّهَامِ لَا غَيْرُ فَيَكْتُبُ بِاسْمِ صَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةً وَبِاسْمِ صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ اثْنَيْنِ وَبِاسْمِ صَاحِبِ السُّدُسِ وَاحِدَةً وَيُخْرِجُ بندقه على السَّهْمِ الْأَوَّلِ فَإِنْ خَرَجَ اسْمُ صَاحِبِ النِّصْفِ أَخَذَهُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَإِنْ خَرَجَ اسْمُ صَاحِبِ الثُّلُثِ أَخَذَهُ وَالثَّانِي ثُمَّ يُقْرِعُ بين الْآخَرَيْنِ وَالْبَاقِي لِلثَّالِثِ. اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَكْتُبُ بِاسْمِ صَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةً وَبِاسْمِ صَاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَيْنِ وَبِاسْمِ صَاحِبِ السُّدُسِ وَاحِدَةً كما قال الْمُصَنِّفُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَ في المغنى أَنْ يَكْتُبَ بِاسْمِ كل وَاحِدٍ رُقْعَةً لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ أَيْضًا وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا قُرْعَةَ في مَكِيلٍ وموزن [وموزون] لَا لِلِابْتِدَاءِ فَإِنْ خَرَجَتْ لِرَبِّ الْأَكْثَرِ أَخَذَ كُلَّ حَقِّهِ فَإِنْ تَعَدَّدَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهِ تَوَجَّهَ وَجْهَانِ.
فائدة: قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ تَنْقَسِمُ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ السِّهَامُ مُتَسَاوِيَةً وَقِيمَةُ الْأَجْزَاءِ مُتَسَاوِيَةً وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ الْأُولَى: الثَّانِي أَنْ تَكُونَ السِّهَامُ مُخْتَلِفَةً وَقِيمَةُ الْأَجْزَاءِ مُتَسَاوِيَةً وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ. الثَّانِيَةُ: الثَّالِثُ أَنْ تَكُونَ السِّهَامُ مُتَسَاوِيَةً وَقِيمَةُ الْأَجْزَاءِ مُخْتَلِفَةً الرَّابِعُ أَنْ تَكُونَ السِّهَامُ مُخْتَلِفَةً وَالْقِيمَةُ مُخْتَلِفَةً فَأَمَّا الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَهُمَا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ وهو أَنْ تَكُونَ السِّهَامُ مُتَسَاوِيَةً وَالْقِيمَةُ مُخْتَلِفَةً فإن الْأَرْضَ تُعَدَّلُ بِالْقِيمَةِ وَتُجْعَلُ سِتَّةَ أَسْهُمٍ مُتَسَاوِيَةَ الْقِيمَةِ وَيَفْعَلُ في إخْرَاجِ السِّهَامِ مِثْلَ الْأَوَّلِ وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ وهو ما إذَا اخْتَلَفَتْ السِّهَامُ وَالْقِيمَةُ فإن الْقَاسِمَ يُعَدِّلُ السِّهَامَ بِالْقِيمَةِ وَيَجْعَلُهَا سِتَّةَ أَسْهُمٍ مُتَسَاوِيَةَ الْقِيَمِ ثُمَّ يُخْرِجُ الرِّقَاعَ فيها الْأَسْمَاءُ على السِّهَامِ كَالْقِسْمِ الثَّالِثِ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّ التَّعْدِيلَ هُنَا بِالْقِيَمِ وَهُنَاكَ بِالْمِسَاحَةِ. قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَى بَعْضُهُمْ غَلَطًا فِيمَا تَقَاسَمُوهُ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَشْهَدُوا على تَرَاضِيهِمْ بِهِ لم يُلْتَفَتْ إلَيْهِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يُقْبَلُ. قَوْلُهُ: مع التَّنْبِيهِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي لم يُقْبَلْ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَرْسِلًا زَادَ في الْكُبْرَى أو مَغْبُونًا بِمَا لَا يُتَسَامَحُ بِهِ عَادَةً أو بِالثُّلُثِ أو بِالسُّدُسِ كما سَبَقَ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كان فِيمَا قَسَمَهُ قَاسِمُ الْحَاكِمِ فَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكَرِ مع يَمِينِهِ وَإِنْ كان فِيمَا قَسَمَهُ قَاسِمُهُمْ الذي نَصَّبُوهُ وكان فِيمَا اعْتَبَرْنَا فيه الرِّضَا بَعْدَ الْقُرْعَةِ لم تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَإِلَّا فَهُوَ كَقَاسِمِ الْحَاكِمِ بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ: وَإِنْ تَقَاسَمُوا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ من حِصَّةِ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ مُعَيَّنٌ بَطَلَتْ هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وقال في الْقَوَاعِدِ وَمِنْ الْفَوَائِدِ لو اقْتَسَمَا دَارًا نِصْفَيْنِ ظَهَرَ بَعْضُهَا مُسْتَحَقًّا فَإِنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ لِفَسَادِ الْإِفْرَازِ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ لم تنتقض [تنتفض] وَيَرْجِعُ على شَرِيكِهِ بِقَدْرِ حَقِّهِ في الْمُسْتَحَقِّ كما إذَا قُلْنَا بِذَلِكَ في تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كما لو اشْتَرَى دَارًا فَبَانَ بَعْضُهَا مُسْتَحَقًّا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ وَحَكَى في الْفَوَائِدِ عن صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ حَكَى فيه في هذه الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ وَظَاهِرُ ما في الْمُحَرَّرِ يُخَالِفُ ذلك.
فائدة: لو كان الْمُسْتَحَقُّ من الْحِصَّتَيْنِ وكان مُعَيَّنًا لم تَبْطُلْ الْقِسْمَةُ فِيمَا بقى على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ وَقِيلَ تَبْطُلُ وهو احْتِمَالٌ في الْكَافِي بِنَاءً على عَدَمِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ إذَا قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كان شَائِعًا فيهما [فيها] فَهَلْ تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَحَدُهُمَا تَبْطُلُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ قال في الْخُلَاصَةِ بَطَلَتْ في الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَبْطُلُ في غَيْرِ الْمُسْتَحَقِّ قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ
فائدتان: إحْدَاهُمَا: لو كان الْمُسْتَحَقُّ مُشَاعًا في أَحَدِهِمَا فَهِيَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا علي الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ تَبْطُلُ هُنَا وَإِنْ لم تَبْطُلْ في التي قَبْلَهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْقَوَاعِدِ أَنَّ ذلك كُلَّهُ مَبْنِيٌّ على أن الْقِسْمَةِ إفْرَازٌ وَبَيْعٌ وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ. الثَّانِيَةُ: قال الْمَجْدُ الْوَجْهَانِ الْأَوَّلَانِ فَرْعٌ على قَوْلِنَا بِصِحَّةِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ في الْبَيْعِ وهو الْمَذْهَبُ على ما تَقَدَّمَ فَأَمَّا إنْ قُلْنَا لَا تَتَفَرَّقُ هُنَاكَ بَطَلَتْ هُنَا وَجْهًا وَاحِدًا وقيل في الْبُلْغَةِ إذَا ظَهَرَ بَعْضُ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا مُسْتَحَقًّا نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ وَإِنْ ظَهَرَتْ حِصَّتُهُمَا على اسْتِوَاءِ النِّسْبَةِ وكان مُعَيَّنًا لم تُنْقَضْ إذَا عَلَّلْنَا فَفَسَادُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِالْجَهَالَةِ وَإِنْ عَلَّلْنَاهُ بِاشْتِمَالِهَا على ما لَا يَجُوزُ بَطَلَتْ وَإِنْ كان الْمُسْتَحَقُّ مُشَاعًا انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ في الْجَمِيعِ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ: وإذا اقْتَسَمَا دَارَيْنِ قِسْمَةَ تَرَاضٍ فَبَنَى أَحَدُهُمَا في نَصِيبِهِ ثُمَّ خَرَجَتْ الدَّارُ مُسْتَحَقَّةً وَنُقِضَ بِنَاؤُهُ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ على شَرِيكِهِ وقال في الْهِدَايَةِ قال شَيْخُنَا يَرْجِعُ على شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَاقْتَصَرَ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ قال الشَّارِحُ هَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَحَكَاهُ أبو الْخَطَّابِ عن الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ وَنَصَرَهُ قال هذه قِسْمَةٌ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ فإن الدَّارَيْنِ لَا يُقْسَمَانِ قِسْمَةَ إجْبَارٍ وَإِنَّمَا يُقْسَمَانِ بِالتَّرَاضِي فَتَكُونُ جَارِيَةً مَجْرَى الْبَيْعِ قال وَكَذَلِكَ يُخْرِجُ في كل قِسْمَةٍ جَارِيَةً مَجْرَى الْبَيْعِ وَهِيَ قِسْمَةُ التَّرَاضِي كَالَّتِي فيه رَدُّ عِوَضٍ وما لَا يُجْبَرُ على قِسْمَتِهِ لِضَرَرٍ فيه فَأَمَّا قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ إذَا ظَهَرَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا مُسْتَحَقًّا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فيه فَنَقْضُ الْبِنَاءِ وَقَلْعُ الْغِرَاسِ فَإِنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ فَكَذَلِكَ وَإِنْ قُلْنَا لَيْسَتْ بَيْعًا لم يَرْجِعْ بِهِ هذا الذي يَقْتَضِيه قَوْلُ الْأصحاب انتهى. وقال في الْقَوَاعِدِ إذَا اقْتَسَمَا أَرْضًا فَبَنَى أَحَدُهُمَا في نَصِيبِهِ وَغَرَسَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ فَقَلَعَ غَرْسَهُ وَبِنَاءَهُ فَإِنْ قُلْنَا هِيَ إفْرَازُ حَقٍّ لم يَرْجِعْ على شَرِيكِهِ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ رَجَعَ عليه بِقِيمَةِ النَّقْصِ إذَا كان عَالِمًا بِالْحَالِ دُونَهُ وقال ذَكَرَهُ في الْمُغْنِي ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ الْقَاضِي الْمُتَقَدِّمِ وقال في الْفُرُوعِ وَإِنْ بَنَى أو غَرَسَ فَخَرَجَ مُسْتَحَقًّا فَقَلَعَ رَجَعَ على شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ في قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ كَقِسْمَةِ تَرَاضٍ وَإِلَّا فَلَا وَأَطْلَقَ في التَّبْصِرَةِ رُجُوعَهُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ انتهى. قال النَّاظِمُ: وَإِنْ بَانَ في الْإِجْبَارِ لم يَغْرَمْ الْبِنَا *** وَلَا الْغَرْسَ إذَا هِيَ مَيْزُ حَقٍّ بِأَجْوَدَ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا لم يَرْجِعْ حَيْثُ لَا يَكُونُ بَيْعًا فَلَا يَرْجِعُ بِالْأُجْرَةِ وَلَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ في الْغُرُورِ إذَا اقْتَسَمَا الْجَوَارِي أَعْيَانًا وَعَلَى هذا فَاَلَّذِي لم يُسْتَحَقَّ شيئا [شيء] من نَصِيبِهِ يَرْجِعُ الْآخَرُ عليه بِمَا فَوَّتَهُ عليه من الْمَنْفَعَةِ هذه الْمُدَّةَ وَهُنَا احْتِمَالَاتٌ أَحَدُهَا التَّسْوِيَةُ بين الْقِسْمَةِ وَالْبَيْعِ الثَّانِي الْفَرْقُ مُطْلَقًا وَالثَّالِثُ إلْحَاقُ ما كان من الْقِسْمَةِ بَيْعًا بِالْبَيْعِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ خَرَجَ في نَصِيبِ أَحَدِهِمَا عَيْبٌ فَلَهُ فَسْخُ الْقِسْمَةِ يَعْنِي إذَا كان جَاهِلًا بِهِ وَلَهُ الْإِمْسَاكُ مع الْأَرْشِ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَبْطُلَ الْقِسْمَةُ لآن التَّعْدِيلَ فيها شَرْطٌ ولم يُوجَدْ بِخِلَافِ الْبَيْعِ. قَوْلُهُ: وإذا اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ الْعَقَارَ ثُمَّ ظَهَرَ علي الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَإِنْ قُلْنَا هِيَ إفْرَازُ حَقٍّ لم تَبْطُلْ الْقِسْمَةُ وَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ انْبَنَى على بَيْعِ التَّرِكَةِ قبل قَضَاءِ الدَّيْنِ هل يَجُوزُ على وَجْهَيْنِ. اعْلَمْ أَنَّا إذَا قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازُ حَقٍّ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ وَلَا تَفْرِيعَ عليه وَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ انْبَنَى على صِحَّةِ بَيْعِ التَّرِكَةِ قبل قَضَاءِ الدَّيْنِ هل يَصِحُّ أَمْ لَا فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَجْهَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ أَحَدُهُمَا يَصِحُّ بَيْعُهَا قبل قَضَاءِ الدَّيْنِ وهو الْمَذْهَبُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا الْمَذْهَبُ وهو أَوْلَى قال في الْفُرُوعِ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ على الْأَصَحِّ ان قَضَى قال في الْمُحَرَّرِ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ الصِّحَّةُ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَصَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْخَمْسِينَ أَصَحُّهُمَا يَصِحُّ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ فَعَلَيْهِ يَصِحُّ الْعِتْقُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ وَاخْتَارَ ابن عقِيلٍ في نَظَرِيَّاتِهِ لَا يَنْفُذُ إلَّا مع يَسَارِ الْوَرَثَةِ قُلْت وهو الصَّوَابُ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمْ تَبَعٌ لِتَصَرُّفِ الْمَوْرُوثِ في مَرَضِهِ وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ على قَوْلِنَا إنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّرِكَةِ في الْمَرَضِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ النَّمَاءُ لِلْوَارِثِ كَنَمَاءِ جَانٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لَا كَمَرْهُونٍ قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ هو الْمَشْهُورُ وَقِيلَ النَّمَاءُ تَرِكَةٌ وقال في الِانْتِصَارِ من أَدَّى نَصِيبَهُ من الدَّيْنِ انْفَكَّ نَصِيبُهُ منها كَجَانٍ.
فائدة: لَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ الذي على الْمَيِّتِ نَقْلَ تَرِكَتِهِ إلَى الْوَرَثَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب منهم أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأصحابهُ قال ابن عَقِيلٍ هِيَ الْمَذْهَبُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَنْصُوصُ الْمَشْهُورُ الْمُخْتَارُ لِلْأصحاب وقد نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْمُفْلِسَ إذا مَاتَ سَقَطَ حَقُّ الْبَائِعِ من عَيْنِ مَالِهِ لِأَنَّ الْمَالَ انْتَقَلَ إلَى الْوَرَثَةِ قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ الِانْتِقَالُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ يَمْنَعُ الدَّيْنُ نَقْلَهَا بِقَدْرِهِ وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ لَا يَرِثُونَ شيئا حتى يُؤَدُّوهُ وَذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ وَصَحَّحَ النَّاظِمُ الْمَنْعَ وَنَصَرَهُ في الأنتصار وَتَقَدَّمَ.
فوائد: الْخِلَافِ في بَابِ الْحَجْرِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ وَهِيَ.
فوائد: جَلِيلَةٌ فَلْتُرَاجَعْ قال في الْفُرُوعِ وَالرِّوَايَتَانِ في وَصِيَّةٍ بِمُعَيَّنٍ وَنَصَّ في الِانْتِصَارِ على الْمَنْعِ وذكر [وذكره] عليه إذَا لم يَسْتَغْرِقْ التَّرِكَةَ أو كانت الْوَصِيَّةُ بِمَجْهُولٍ مَنْعًا ثُمَّ سَلَّمَ لِتَعَلُّقِ الْإِرْثِ بِكُلِّ التَّرِكَةِ بِخِلَافِهِمَا فَلَا مُزَاحَمَةَ وَذَكَرَ مَنْعًا وَتَسْلِيمًا هل لِلْوَارِثِ وَالدَّيْنُ مُسْتَغْرِقٌ الايفاء من غَيْرِهَا وقال في الرَّوْضَةِ الدَّيْنُ على الْمَيِّتِ لَا يَتَعَلَّقُ بِتَرِكَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَفَائِدَتُهُ أَنَّ لهم أَدَاءَهُ وَقِسْمَةَ التَّرِكَةِ بَيْنَهُمْ قال وَكَذَا حُكْمُ مَالِ الْمُفْلِسِ وقال في الْقَوَاعِدِ ظَاهِرُ كَلَامِ طَائِفَةٍ من الْأصحاب اعْتِبَارُ كَوْنِ الدَّيْنِ مُحِيطًا بِالتَّرِكَةِ حَيْثُ فَوَّضُوا الْمَسْأَلَةَ في الدَّيْنِ الْمُسْتَغْرِقِ وَمِنْهُمْ من صَرَّحَ بِالْمَنْعِ من الِانْتِقَال وَإِنْ لم يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا ذَكَرَهُ في مَسَائِلِ الشُّفْعَةِ وقال في الْقَوَاعِدِ أَيْضًا تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِالتَّرِكَةِ وَهَلْ يَمْنَعُ انْتِقَالَهَا على رِوَايَتَيْنِ وَهَلْ هو كَتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ أو الرَّهْنِ اخْتَلَفَ كَلَامُ الْأصحاب في ذلك وَصَرَّحَ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ كَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ قال وَيُفَسَّرُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ أَحَدُهَا أَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ وَبِكُلِّ جَزْءٍ من أَجْزَائِهَا فَلَا يُنْقَلُ منها شَيْءٌ حتى يُوَفِّيَ الدَّيْنَ كُلَّهُ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَاضِي في خِلَافِهِ إذَا كان الْوَارِثُ وَاحِدًا قال وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً انْقَسَمَ عليهم بِالْحِصَصِ وَتَتَعَلَّقُ كُلُّ حِصَّةٍ من الدَّيْنِ بِنَظِيرِهَا من التَّرِكَةِ وَبِكُلِّ جَزْءٍ منها فَلَا يَنْفُذُ منها شَيْءٌ حتى يُوَفِّيَ جَمِيعَ تِلْكَ الْحِصَّةِ وَلَا فَرْقَ في ذلك بين أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِلتَّرِكَةِ أَمْ لَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ التَّرْغِيبِ في الْمُفْلِسِ الثَّانِي أَنَّ الدَّيْنَ في الذِّمَّةِ وَيَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ وَهَلْ هو بَاقٍ في ذِمَّةِ الْمَيِّتِ أو انْتَقَلَ إلَى ذِمَمِ الْوَرَثَةِ أو هو مُتَعَلِّقٌ بِأَعْيَانِ التَّرِكَةِ لَا غَيْرُ فيه ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ قَوْلُ الآدمي وابن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ وَالثَّانِي قَوْلُ الْقَاضِي في خلافة وَأَبِي الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ وابن عَقِيلٍ في مَوْضِعٍ آخَرَ وَكَذَلِكَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ لَكِنَّهُ خَصَّهُ بِحَالَةِ تَأْجِيلِ الدَّيْنِ لِمُطَالَبَةِ الْوَرَثَةِ بِالتَّوْثِقَةِ وَالثَّالِثُ قَوْل ابن أبي مُوسَى التَّفْسِيرُ الثَّالِثُ من تَفْسِيرِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ كَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ أَنَّهُ يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ وَفِيهِ وَجْهَانِ وَهَلْ تَعَلُّقُ حَقِّهِمْ بِالْمَالِ من حِينِ الْمَرَضِ أَمْ لَا تَرَدَّدَ الْأصحاب في ذلك انتهى. وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذلك في بَابِ الْحَجْرِ. قَوْلُهُ: وإذا اقْتَسَمَا فَحَصَلَتْ الطَّرِيقُ في نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَلَا مَنْفَذَ لِلْآخَرِ بَطَلَتْ الْقِسْمَةُ لِعَدَمِ التَّعْدِيلِ وَالنَّفْعِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَمُنْتَخَبِ الآدمى وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَخَرَّجَ الْمُصَنِّفُ في المغنى وَجْهًا أنها تَصِحُّ وَيَشْتَرِكَانِ في الطَّرِيقِ من نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على اشْتِرَاكِهِمَا في مَسِيلِ الْمَاءِ وقال في الْقَوَاعِدِ وَيَتَوَجَّهُ إنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ بَطَلَتْ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ صَحَّتْ وَلَزِمَ الشَّرِيكُ تَمْكِينَهُ من الِاسْتِطْرَاقِ بِنَاءً على قَوْلِ الْأصحاب إذَا بَاعَهُ بَيْتًا في وَسَطِ دَارِهِ ولم يذكر طَرِيقًا صَحَّ الْبَيْعُ وَاسْتَتْبَعَ طَرِيقَهُ كما ذَكَرَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ لو اشْتَرَطَ عليه الِاسْتِطْرَاقَ في الْقِسْمَةِ صَحَّ قال الْمَجْدُ هذا قِيَاسُ مَذْهَبِنَا في جَوَازِ بَيْعٍ وفي مُنْتَخَبِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ يُفْسَخُ بِعَيْبٍ وَسَدُّ الْمَنْفَذِ عَيْبٌ.
فوائد: الْأُولَى: مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو حَصَلَ طَرِيقُ الْمَاءِ في نَصِيبِ أَحَدِهِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال في الْفُرُوعِ وَنَصُّهُ هو لَهُمَا ما لم يَشْتَرِطَا رَدَّهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُصَنِّفُ قَاسَ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى: على هذه كما تَقَدَّمَ في التَّخْرِيجِ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ في مَجْرَى الْمَاءِ لَا يُغَيَّرُ مَجْرَى الْمَاءِ وَلَا يَضُرُّ بهذا إلَّا أَنْ يَتَكَلَّفَ له النَّفَقَةَ حتى يُصْلِحَ له الْمَسِيلَ. الثَّانِيَةُ: لو كان لِلدَّارِ ظله فَوَقَعَتْ في حَقِّ أَحَدِهِمَا فَهِيَ له بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ قَالَهُ الْأصحاب. الثَّالِثَةُ: لو ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّ هذا الْبَيْتَ من سَهْمِي تَحَالَفَا وَنُقِضَتْ الْقِسْمَةُ. الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ قَسْمُ مَالِ الْمُوَلَّى عليه مع شَرِيكِهِ بِلَا نِزَاعٍ وَيُجْبَرَانِ في قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَلَهُمَا أَنْ يُقَاسِمَا قِسْمَةَ التَّرَاضِي إنْ رَأَيَا الْمَصْلَحَةَ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ ما إذَا غَابَ الْوَلِيُّ في قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ هل يَقْسِمُ الْحَاكِمُ وَتَقَدَّمَ إذَا غَابَ أُحُدُ الشَّرِيكَيْنِ في فَصْلِ قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فائدة: وَاحِدُ الدَّعَاوَى دَعْوَى قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ مَعْنَاهَا في اللُّغَةِ إضَافَةُ الْإِنْسَانِ إلي نَفْسِهِ شيئا مِلْكًا أو اسْتِحْقَاقًا أو صِفَةً وَنَحْوَهُ وفي الشَّرْعِ إضَافَتُهُ إلَى نَفْسِهِ اسْتِحْقَاقَ شَيْءٍ في يَدِ غَيْرِهِ أو في ذِمَّتِهِ وقال ابن عَقِيلٍ الدَّعْوَى الطَّلَبُ لقوله تعالى: {وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ} زَادَ بن أبي الْفَتْحِ زَاعِمًا مِلْكَهُ انتهى. وَقِيلَ هِيَ طَلَبُ حَقٍّ من خَصْمٍ عِنْدَ حَاكِمٍ وَإِخْبَارُهُ بِاسْتِحْقَاقِهِ وَطَلَبُهُ منه وقال في الرِّعَايَةِ قُلْت هِيَ إخْبَارُ خَصْمٍ بِاسْتِحْقَاقِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ أو مَجْهُولٍ كَوَصِيَّةٍ وَإِقْرَارٍ عليه أو عِنْدَهُ له أو لِمُوَكِّلِهِ أو تَوْكِيلِهِ أو لِلَّهِ حسبه يَطْلُبُهُ منه عِنْدَ حَاكِمٍ. قَوْلُهُ: الْمُدَّعِي من إذَا سَكَتَ تُرِكَ وَالْمُنْكِرُ من إذَا سَكَتَ لم يُتْرَكْ هذا الْمَذْهَبُ وعليه جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ الْمُدَّعِي من يَدَّعِي خِلَافَ الظَّاهِرِ وَعَكْسُهُ الْمُنْكِرُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وقال الشَّارِحُ وَقِيلَ الْمُدَّعِي من يَلْتَمِسُ بِقَوْلِهِ أَخْذَ شَيْءٍ من يَدِ غَيْرِهِ وَإِثْبَاتَ حَقٍّ في ذِمَّتِهِ وَالْمُدَّعَى عليه من يُنْكِرُ ذلك وَقَدَّمَ هو أَيْضًا وَالْمُصَنِّفُ أَنَّ الْمُدَّعَى عليه من يُضَافُ إلَيْهِ اسْتِحْقَاقُ شَيْءٍ عليه وقد يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعِيًا وَمُدَّعًى عليه بِأَنْ يَخْتَلِفَا في الْعَقْدِ فَيَدَّعِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ الثَّمَنَ غَيْرُ الذي ذَكَرَهُ صَاحِبُهُ انتهى. وَقِيلَ هو من إذَا سَكَتَ تُرِكَ مع إمْكَانِ صِدْقِهِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَا بُدَّ من هذا الْقَيْدِ وَقِيلَ الْمُدَّعِي هو الطَّالِبُ وَالْمُنْكِرُ هو الْمَطْلُوبُ وَقِيلَ المدعى من يَدَّعِي أَمْرًا بَاطِنًا خَفِيًّا وَالْمُنْكِرُ من يدعى أَمْرًا ظَاهِرًا جَلِيًّا ذَكَرَهَا في الرِّعَايَةِ وَذَكَرَ أَقْوَالًا أُخَرَ وَأَكْثَرُهَا يَعُودُ إلَى الْأَوَّلِ وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ لو قال الزَّوْجُ أَسْلَمْنَا مَعًا فَالنِّكَاحُ بَاقٍ وَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ أنها أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ فَلَا نِكَاحَ فالمدعى هِيَ الزَّوْجَةُ على الْمَذْهَبِ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي المدعى هو الزَّوْجُ.
تنبيه: قال بَعْضُهُمْ الْحَدُّ الْأَوَّلُ فيه نَظَرٌ لِأَنَّ كُلَّ سَاكِتٍ لَا يُطَالِبُ بِشَيْءٍ فإنه مَتْرُوكٌ وَهَذَا أَعَمُّ من أَنْ يَكُونَ مُدَّعِيًا أو مُدَّعًى عليه فَيُتْرَكُ مع قِيَامِ الدَّعْوَى فَتَعْرِيفُهُ بِالسُّكُوتِ وَعَدَمِهِ ليس بِشَيْءٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ المدعى من يُطَالِبُ غَيْرَهُ بِحَقٍّ يَذْكُرُ اسْتِحْقَاقَهُ عليه وَالْمُدَّعَى عليه الْمُطَالَبُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ الْبَيِّنَةُ على المدعى وَإِنَّمَا تَكُونُ الْبَيِّنَةُ مع الْمُطَالَبَةِ وَأَمَّا مع عَدَمِهَا فَلَا انتهى. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِتَعْرِيفِ المدعى والمدعى عليه حَالَ الْمُطَالَبَةِ لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا ذلك لِيُعْرَفَ من عليه الْبَيِّنَةُ مِمَّنْ عليه الْيَمِينُ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذلك بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ وقال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ:مْ المدعى من إذَا سَكَتَ تُرِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذلك إنْ لم تَتَضَمَّنْ دَعْوَاهُ شيئا إنْ لم يَثْبُتْ لَزِمَهُ حَدٌّ أو تَعْزِيرٌ كَمَنْ ادَّعَى على إنْسَانٍ أَنَّهُ زَنَى بِابْنَتِهِ أو أَنَّهُ سَرَقَ له شيئا وَأَنَّهُ قَاذِفٌ في الْأُولَى: ثَالِبٌ لِعِرْضِهِ في الثَّانِيَةِ فَإِنْ لم يُثْبِتْ دَعْوَاهُ لَزِمَهُ الْقَذْفُ في الْأُولَى: وَالتَّعْزِيرُ في الثَّانِيَةِ وقد يُجَابُ بِأَنَّهُ مَتْرُوكٌ من حَيْثُ الدَّعْوَى مَطْلُوبٌ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ فَهُوَ مَتْرُوكٌ مُطَابَقَةً مَطْلُوبٌ تَضَمُّنًا
إحْدَاهُمَا: قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ إلَّا من جَائِزِ التَّصَرُّفِ وهو صَحِيحٌ وَلَكِنْ تَصِحُّ على السَّفِيهِ فِيمَا يُؤْخَذُ بِهِ حَالَ سَفَهِهِ أو بَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ وَيَحْلِفُ إذَا أَنْكَرَ وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا في أَوَّلِ بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ وقال في الرِّعَايَةِ وَكَلٌّ مِنْهُمَا رَشِيدٌ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ وَجَوَابُهُ بِإِقْرَارٍ أو إنْكَارٍ وَغَيْرِهِمَا. الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: وإذا تَدَاعَيَا عَيْنًا لم تَخْلُ من أَقْسَامٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ في يَدِ أَحَدِهِمَا فَهِيَ له مع يَمِينِهِ إنها له لَا حَقٌّ لِلْآخِرِ فيها إذَا لم تَكُنْ بَيِّنَةٌ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ له بِذَلِكَ كَثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا شُفْعَةَ له بِمُجَرَّدِ الْيَدِ وَلَا تَضْمَنُ عَاقِلَةُ صَاحِبِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا تَثْبُتُ بِهِ الْحُقُوقُ وَإِنَّمَا تُرَجَّحُ بِهِ الدَّعْوَى ثُمَّ في كَلَامِ الْقَاضِي في مَسْأَلَةِ النَّافِي لِلْحُكْمِ يَمِينُ الْمُدَّعَى عليه دَلِيلٌ وَكَذَا قال في الرَّوْضَةِ وَفِيهَا أَيْضًا إنَّمَا لم يَحْتَجْ إلَى دَلِيلٍ لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ وقال في التَّمْهِيدِ يَدُهُ بَيِّنَةٌ وَإِنْ كان الْمُدَّعَى عليه دَيْنًا فَدَلِيلُ الْعَقْلِ على بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بَيِّنَةٌ حتى يَجُوزَ له أَنْ يَدْعُوَ الْحَاكِمَ إلَى الْحُكْمِ بِثُبُوتِ الْعَيْنِ له دُونَ الْمُدَّعِي وَبَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ من الدَّيْنِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال ثُمَّ قال وَيَنْبَغِي على هذا أَنْ يَحْكِيَ في الْحُكْمِ صُورَةَ الْحَالِ كما قَالَهُ أصحابنَا في قِسْمَةِ عَقَارٍ لم يَثْبُتْ عِنْدَهُ الْمِلْكُ وَعَلَى كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ يُصَرِّحُ في الْقِسْمَةِ بِالْحُكْمِ وَأَمَّا على كَلَامِ غَيْرِهِ فَلَا حُكْمَ وَإِنْ سَأَلَهُ الْمُدَّعَى عليه مَحْضَرًا بِمَا جَرَى أَجَابَهُ وَيَذْكُرُ فيه أَنَّ الْحَاكِمَ أَبْقَى الْعَيْنَ بيده لِأَنَّهُ لم يُثْبِتْ ما يَرْفَعُهَا وَيُزِيلُهَا. قَوْلُهُ: وَإِنْ تَنَازَعَا دَابَّةً أَحَدُهُمَا رَاكِبُهَا أو له عليها حِمْلٌ وَالْآخَرُ أخذ بِزِمَامِهَا فَهِيَ لِلْأَوَّلِ هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ هِيَ لِلثَّانِي إذَا كان مُكَارِيًا
فائدتان: إحْدَاهُمَا: لو كان لِأَحَدِهِمَا عليها حِمْلٌ وَالْآخَرُ رَاكِبُهَا فَهِيَ لِلرَّاكِبِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَإِنْ اخْتَلَفَا في الْحِمْلِ فَادَّعَاهُ الرَّاكِبُ وَصَاحِبُ الدَّابَّةِ فَهِيَ لِلرَّاكِبِ وَإِنْ تَنَازَعَا قَمِيصًا أَحَدُهُمَا لَابِسُهُ وَالْآخَرُ آخِذٌ بِكُمِّهِ فَهُوَ لِلَابِسِهِ بِلَا نِزَاعٍ كما قال الْمُصَنِّفُ هُنَا فَإِنْ كان كُمُّهُ في يَدِ أَحَدِهِمَا وَبَاقِيه مع الْآخَرِ أو تَنَازَعَا عِمَامَةً طَرَفُهَا في يَدِ أَحَدِهِمَا وَبَاقِيهَا في يَدِ الْآخَرِ فَهُمَا فيها سَوَاءٌ وَلَوْ كانت دَارٌ فيها أَرْبَعُ بُيُوتٍ في أَحَدِهَا سَاكِنٌ وفي الثَّلَاثَةِ سَاكِنٌ وَاخْتَلَفَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ما هو سَاكِنٌ فيه وَإِنْ تَنَازَعَا الْمِسَاحَةَ التي يَتَطَرَّقُ منها إلَى الْبُيُوتِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ. الثَّانِيَةُ: لو ادَّعَيَا شَاةً مَسْلُوخَةً بِيَدِ أَحَدِهِمَا جِلْدُهَا وَرَأْسُهَا وَسَوَاقِطُهَا وَبِيَدِ الْآخَرِ بَقِيَّتُهَا وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كُلَّهَا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِدَعْوَاهُمَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ما بِيَدِ صَاحِبِهِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الدَّارِ وَالْخَيَّاطُ الْإِبْرَةَ وَالْمِقَصَّ فَهُمَا لِلْخَيَّاطِ وَإِنْ تَنَازَعَ هو وَالْقَرَّابُ الْقِرْبَةَ فَهِيَ لِلْقَرَّابِ بِلَا نِزَاعٍ فِيهِمَا وَقَوْلُهُ وَإِنْ تَنَازَعَا عَرْصَةً فيها شَجَرٌ أو بِنَاءٌ لِأَحَدِهِمَا فَهِيَ له هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا تَكُونُ له إلَّا ببينه. قَوْلُهُ: وَإِنْ تَنَازَعَا حَائِطًا مَعْقُودًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ أو مُتَّصِلًا بِهِ اتِّصَالًا لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ وَلَهُ عليه أَزَجٌ وهو ضَرْبٌ من الْبِنَاءِ وَيُقَالُ له طَاقٌ فَهُوَ له يعنى بِيَمِينِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ بهذا الشَّرْطِ أعنى إذَا كان مُتَّصِلًا اتِّصَالًا لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَكَذَا لو كان له عليه ستره لَكِنْ لو كان مُتَّصِلًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا اتِّصَالًا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّهُ لَا يُرَجَّحُ بِذَلِكَ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ هو كما لو لم يُمْكِنْ احداثه وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى في آخِرِ بَابِ الصُّلْحِ.
فائدة: لو كان له عليه جُذُوعٌ لم يُرَجَّحْ بِذَلِكَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ ذَكَرَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ في بَابِ أَحْكَامِ الْجِوَارِ قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ لَا يُقَدَّمُ صَاحِبُ الْجُذُوعِ وَيُحْكَمُ لِصَاحِبِ الْأَزَجِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حُدُوثُهُ بَعْدَ كَمَالِ الْبِنَاءِ وَلِأَنَّا قُلْنَا له وَضْعُ خَشَبِهِ على حَائِطِ جَارِهِ ما لم يَضُرَّ فَلِهَذَا لم يَكُنْ دَلَالَةً على الْيَدِ بِخِلَافِ الْأَزَجِ لَا يَجُوزُ عَمَلُهُ على حَائِطِ جَارِهِ انتهى. وَقِيلَ يُرَجَّحُ بِذَلِكَ أَيْضًا وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ قَرِيبًا بِأَعَمَّ من هذا. قَوْلُهُ: وَإِنْ كان مَحْلُولًا من بِنَائِهِمَا أَيْ غير مُتَّصِلٍ بِبِنَائِهِمَا أو مَعْقُودًا بِهِمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا بِلَا نِزَاعٍ وَيَتَحَالَفَانِ فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخِرِ أَنَّ نِصْفَهُ له على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَإِنْ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا على جَمِيعِ الْحَائِطِ أَنَّهُ له جَازَ قال الزَّرْكَشِيُّ قُلْت وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ الْيَمِينُ على حَسَبِ الْجَوَابِ. قَوْلُهُ: وَلَا تُرَجَّحُ الدَّعْوَى بِوَضْعِ خَشَبِ أَحَدِهِمَا عليه وَلَا بِوُجُوهِ الْآجُرِّ وَالتَّزْوِيقِ وَالتَّجْصِيصِ وَمُعَاقَدِ الْقُمُطِ في الْجَصِّ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال أصحابنَا لَا تُرَجَّحُ دَعْوَى أَحَدِهِمَا بِوَضْعِ خشبة على الْحَائِطِ وَقَطَعَا بِذَلِكَ في وُجُوهِ الْآجُرِّ وَالتَّزْوِيقِ وَالتَّجْصِيصِ وَمُعَاقَدِ الْقُمُطِ في الْجَصِّ وَنَحْوِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُرَجَّحَ الدَّعْوَى بِوَضْعِ خَشَبِ أَحَدِهِمَا عليه وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ في الْجُذُوعِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ في سُلَّمٍ مَنْصُوبٍ أو دَرَجَةٍ فَهِيَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَحْتَ الدَّرَجَةِ مَسْكَنٌ لِصَاحِبِ السُّفْلِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو كان في الدَّرَجَةِ طَاقَةٌ وَنَحْوُهَا مِمَّا يَرْتَفِقُ بِهِ لم يَكُنْ ذلك له على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في ا لمغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَقِيلَ مَتَى كان له في الدَّرَجَةِ طَاقَةٌ أو نَحْوُهَا كانت بَيْنَهُمَا وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ في الْمُحَرَّرِ في بَابِ أَحْكَامِ الْجِوَارِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ تَنَازَعَا في السَّقْفِ الذي بَيْنَهُمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال ابن عَقِيلٍ هو لِرَبِّ الْعُلْوِ.
فائدة: لو تَنَازَعَا الصَّحْنَ وَالدَّرَجَةَ في الصدرفبينهما وَإِنْ كانت في الْوَسَطِ فما إلَيْهِمَا بَيْنَهُمَا وما وَرَاءَهُ لِرَبِّ السُّفْلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا وَالْوَجْهَانِ إنْ تَنَازَعَ رَبُّ بَابٍ بِصَدْرِ الدَّرْبِ وَرَبُّ بَابٍ بِوَسَطِهِ في صَدْرِ الْبَابِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ في الصُّلْحِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ تَنَازَعَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ في رَفٍّ مَقْلُوعٍ أو مِصْرَاعٍ له شَكْلٌ مَنْصُوبٌ في الدَّارِ فَهُوَ لِصَاحِبِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَهُوَ لِلْمُؤَجِّرِ في الْأَصَحِّ وَإِلَّا فَهُوَ بَيْنَهُمَا يعنى وَإِنْ لم يَكُنْ له شَكْلٌ مَنْصُوبٌ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفُرُوعِ وَالْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لِرَبِّ الدَّارِ مُطْلَقًا وهو الْمُؤَجِّرُ كما يَدْخُلُ في الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَعَلَّهُ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ هو بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا وهو ضَعِيفٌ جِدًّا وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَنَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَيَحْلِفَانِ وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ الْأَوَّلَ وَقِيلَ ما يَدْخُلُ في مُطْلَقِ الْبَيْعِ لِلْمُؤَجِّرِ وما لَا يَدْخُلُ فيه وَلَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ وَفِيمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَلَا يَدْخُلُ في الْبَيْعِ أَوْجُهٌ الثَّالِثُ أَنَّهُ مع شَكْلٍ له مَنْصُوبٌ في الْمَكَانِ لِلْمُؤَجِّرِ وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ انتهى. قَوْلُهُ: وَإِنْ تَنَازَعَا دَارًا في أَيْدِيهِمَا فَادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا وَادَّعَى الْآخَرُ نِصْفَهَا جُعِلَتْ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَالْيَمِينُ على مُدَّعِي النِّصْفِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَالْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى وأبو الْفَرَجِ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَكَذَا الْحُكْمُ لو ادَّعَى أَقَلَّ من نِصْفِهَا وَادَّعَى الْآخَرُ كُلَّهَا أو أَكْثَرَ مِمَّا بقى وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا إنَّمَا فَرَضُوا الْمَسْأَلَةَ في ذلك. قَوْلُهُ: وَإِنْ تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ أو وَرَثَتُهُمَا في قُمَاشِ الْبَيْتِ فما كان يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ وما كان يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ وما كان يَصْلُحُ لَهُمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ والخرقى وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ مع أَنَّ كَلَامَهُمْ مُحْتَمِلٌ لِلْخِلَافِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ إنْ لم تَكُنْ عَادَةٌ فَإِنْ كان ثَمَّ عَادَةٌ عُمِلَ بها نَقَلَ الْأَثْرَمُ الْمُصْحَفُ لَهُمَا فَإِنْ كانت الْمَرْأَةُ لَا تَقْرَأُ أو لَا تُعْرَفُ بِذَلِكَ فَهُوَ له وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَقُلْت وهو الصَّوَابُ وقال الْقَاضِي إنْ كان بِيَدِهِمَا الْمُشَاهَدَةِ فَبَيْنَهُمَا وَإِنْ كان بِيَدِ أَحَدِهِمَا الْمُشَاهَدَةِ فَهُوَ له كما يَأْتِي عنه في المسأله التي بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَ صَانِعَانِ في قُمَاشِ دُكَّانٍ لَهُمَا حُكِمَ بِآلَةِ كل صِنَاعَةٍ لِصَاحِبِهَا في ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ والخرقى وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال الْقَاضِي إنْ كانت أَيْدِيهِمَا عليه من طَرِيقِ الْحُكْمِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كانت من طَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا على كل حَالٍ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا قُلْت يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ حِكَايَةُ الْمُصَنِّفِ عن الْقَاضِي رَاجِعَةً إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ وهو أَوْلَى لَكِنَّ الشَّارِحَ لم يَذْكُرْهُ إلَّا في هذه الْمَسْأَلَةِ وَتَنَبَّهَ ابن منجا في شَرْحِهِ لِذَلِكَ فقال الْخِلَافُ عَائِدٌ إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَكَذَا في الْفُرُوعِ قُلْت وَكَلَامُهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي مُحْتَمَلٌ أَيْضًا قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَلَامُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مَتَى كان بِيَدَيْهِمَا مِثْلَ أَنْ يَكُونَا بِدُكَّانٍ وَكَالزَّوْجَيْنِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كان لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ له بها إنْ كانت الْبَيِّنَةُ للمدعى وَحْدَهُ وَكَانَتْ الْعَيْنُ في يَدِ الْمُدَّعَى عليه فإنه يُحْكَمُ له بها من غَيْرِ يَمِينٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأصحاب قال الْمُصَنِّفُ بِغَيْرِ خِلَافٍ في الْمَذْهَبِ ثُمَّ قال قال الْأصحاب لَا فَرْقَ بين الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ وَالْحَيِّ وَالْمَيِّتِ وَالْعَاقِلِ وَالْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وقال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا كان الْمَشْهُودُ عليه لَا يُعَبِّرُ عن نَفْسِهِ أَحَلَفَ الْمَشْهُودَ له لِأَنَّهُ يُعَبِّرُ عن نَفْسِهِ في دَعْوَى الْقَضَاءِ وَالْإِبْرَاءِ فَيَقُومُ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ قال الْمُصَنِّفُ وَهَذَا حَسَنٌ وَمَالَ إلَيْهِ قُلْت قد تَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ بِأَعَمَّ من هذا في قَوْلِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ وَإِنْ ادَّعَى على غَائِبٍ أو مُسْتَتِرٍ في الْبَلَدِ أو مَيِّتٍ أو صَبِيٍّ أو مَجْنُونٍ وَلَهُ بَيِّنَةٌ سَمِعَهَا الْحَاكِمُ وَحَكَمَ بها وَهَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لم يَبْرَأْ إلَيْهِ منه وَلَا من شَيْءٍ منه على رِوَايَتَيْنِ وَذَكَرْنَا الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ مِنْهُمَا هُنَاكَ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ حَكَى كَلَامَهُ في المغنى وقال هذا عَجِيبٌ منه فإنه ذَكَرَ في مُخْتَصَرِهِ وَمُخْتَصَرِ غَيْرِهِ أَنَّ الدَّعْوَى إذَا كانت على غَائِبٍ أو غَيْرِ مُكَلَّفٍ فَهَلْ يَحْلِفُ مع الْبَيِّنَةِ على روايتين [الروايتين] انتهى. وَإِنْ كانت الْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعَى عليه وَحْدَهُ فَلَا يَمِينَ عليه على الْمَذْهَبِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كان لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيِّنَةٌ حُكِمَ بها لِلْمُدَّعِي في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ يَعْنِي تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وهو الْمُدَّعِي وهو الْمَذْهَبُ كما قال وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَسَوَاءٌ كان بَعْدَ زَوَالِ يَدِهِ أولا قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْبَيِّنَةُ للمدعى ليس لِصَاحِبِ الدَّارِ بَيِّنَةٌ قال في الِانْتِصَارِ كما لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ مُنْكِرٍ أَوَّلًا قال الشَّارِحُ هذا الْمَشْهُورُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَاتِ وَالْمُخْتَارُ لِلْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال هو وَغَيْرُهُ هذا الْمَذْهَبُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عليه أنها له نَتَجَتْ في مِلْكِهِ أو قَطِيعِهِ من الْأَغْنَامِ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ وَإِلَّا فَهِيَ لِلْمُدَّعِي بِبَيِّنَتِهِ قال الْقَاضِي فِيهِمَا إذَا لم يَكُنْ مع بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ تَرْجِيحٌ لم يُحْكَمْ بها رِوَايَةً وَاحِدَةً وقال أبو الْخَطَّابِ فيه رِوَايَةٌ أُخْرَى أنها مُقَدَّمَةٌ بِكُلِّ حَالٍ يَعْنِي تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ بِكُلِّ حَالٍ وَاخْتَارَهَا أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيِّ وَعَنْهُ يُحْكَمُ بها لِلْمُدَّعِي إنْ اخْتَصَّتْ بَيِّنَتُهُ بِسَبَبٍ أو سَبْقٍ فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ وَالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يَكْفِي سَبَبٌ مُطْلَقٌ على الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ تُعْتَبَرُ إفَادَتُهُ لِلسَّبْقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَيَأْتِي نَقْلُهُ في الْوَسِيلَةِ.
فائدة: لو أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أنها نَتَجَتْ في مِلْكِهِ تَعَارَضَتَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَ في الْإِرْشَادِ أَنَّ بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي تُقَدَّمُ. قَوْلُهُ: فَإِنْ أَقَامَ الدَّاخِلُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا من الْخَارِجِ وَأَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا من الدَّاخِلِ فقال الْقَاضِي تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ كَذَا قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالتَّسْهِيلِ لِلْحَلْوَانِيِّ قَالَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقِيلَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَقِيلَ يَتَعَارَضَانِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ
فائدتان: إحْدَاهُمَا: لو كانت في يَدِ أَحَدِهِمَا وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا من زَيْدٍ أو اتَّهَبَهَا منه فَعَنْهُ أَنَّهُ كَبَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ على ما سَبَقَ وَهِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْقَاضِي وَعَنْهُ يَتَعَارَضَانِ لآن سَبَبَ الْيَدِ نَفْسُ الْمُتَنَازَعِ فيه فَلَا تَبْقَى مؤثره لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا على أَنَّ مِلْكَ هذه الدَّارِ لِزَيْدٍ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وهو الْمَذْهَبُ وَيَأْتِي مَعْنَى ذلك في أَثْنَاءِ الْقِسْمِ الثَّالِثِ وَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ هناوابن أبي مُوسَى أَنَّهُ يُرَجَّحُ بِالْقُرْعَةِ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ ابن منصور وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. الثَّانِيَةُ: لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ قبل بَيِّنَةِ الْخَارِجِ وَتَعْدِيلُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَتُسْمَعُ بَعْدَ التَّعْدِيلِ قبل الْحُكْمِ وَبَعْدَهُ قبل التَّسْلِيمِ وَأَيُّهَا يُقَدَّمُ فيه الرِّوَايَاتُ وَإِنْ كانت بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا غَائِبَةً حين رَفَعْنَا يَدَهُ فَجَاءَتْ وقد ادَّعَى المدعى مِلْكًا مُطْلَقًا فَهِيَ بَيِّنَةُ خَارِجٍ وَإِنْ ادَّعَاهُ مُسْتَنِدًا إلَى ما قبل يَدِهِ فَهِيَ بَيِّنَةُ دَاخِلٍ كما لو أَحْضَرَهَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ. قَوْلُهُ: الْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ في أَيْدِيهِمَا فَيَتَحَالَفَانِ وَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ يَدَ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا على نِصْفِهَا وَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْيَدِ مع يَمِينِهِ فَيَمِينُ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا على النِّصْفِ الذي بيده وَهَذَا هو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وقال في التَّرْغِيبِ وَعَنْهُ يَقْرَعُ فَمَنْ قَرَعَ أَخَذَهُ بِيَمِينِهِ.
فائدة: لو نَكَلَا عن الْيَمِينِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: وَإِنْ تَنَازَعَا مُسَنَّاةً بين نَهْرِ أَحَدِهِمَا وَأَرْضِ الآخرتحالفا وَهِيَ بَيْنَهُمَا هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وغيرهم [وغيره] وَقِيلَ هِيَ لِرَبِّ النَّهْرِ وَقِيلَ هِيَ لِرَبِّ الْأَرْضِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ تَنَازَعَا صَبِيًّا في أَيْدِيهِمَا فَكَذَلِكَ يَعْنِي صَبِيًّا دُونَ التَّمَيُّزِ فَيَتَحَالَفَانِ وهو بَيْنَهُمَا رَقِيقٌ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كان مُمَيِّزًا فقال إنِّي حُرٌّ فَهُوَ حُرٌّ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِرِقِّهِ وَهَذَا هو الْمَذْهَبُ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وقدمة في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَالطِّفْلِ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ. قَوْلُهُ: فَإِنْ كان لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ له بها بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ كان لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيِّنَةٌ قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا مِثْلُ أَنْ تَشْهَدَ إحْدَاهُمَا: أنها له مُنْذُ سُنَّةٍ وَتَشْهَدُ الْأُخْرَى أنها لِلْآخَرِ مُنْذُ سَنَتَيْنِ فَتُقَدَّمُ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا وَهَذِهِ رِوَايَةٌ عن الأمام أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَصَرَهَا الْقَاضِي وَأصحابهُ وقال هذا قِيَاسٌ الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ في الْوَسِيلَةِ إذَا كانت الْعَيْنُ بِيَدِ ثَالِثٍ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا وهو الْمَذْهَبُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ قُلْت وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ أَيْضًا فقال أَوَّلًا وَإِنْ كان لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيِّنَةٌ قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا وقال ثَانِيًا فَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا بِالْمِلْكِ له مُنْذُ سَنَةٍ وَبَيِّنَةُ الْآخَرِ بِالْمِلْكِ له مُنْذُ شَهْرٍ فَهُمَا سَوَاءٌ وَلَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بين الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ تَابَعَ الْمُصَنِّفَ في المسأله الْأُولَى: وَتَابَعَ الْمُحَرَّرَ في الثَّانِيَةِ فَحَصَلَ الْخَلَلُ وَالتَّنَاقُضُ بِسَبَبِ ذلك لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لم يذكر الثَّانِيَةَ لِأَنَّهَا عَيْنُ الْأُولَى: وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لم يذكر الْأُولَى: لِأَنَّهَا عَيْنُ الثَّانِيَةِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَحَصَلَ له نَظِيرُ ذلك في كِتَابِ الصَّيْدِ وباب الذَّكَاةِ فِيمَا إذَا رَمَاهُ فَوَقَعَ في مَاءٍ أو ذَبَحَهُ ثُمَّ غَرِقَ في مَاءٍ كما تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك هُنَاكَ.
فائدة: مِثْلُ ذلك في الْحَكَمِ لو شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْيَدِ من سَنَةٍ وَبَيِّنَةٌ بِالْيَدِ من سَنَتَيْنِ قَالَهُ في الِانْتِصَارِ. قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَّتَتْ إحْدَاهُمَا: وَأَطْلَقَتْ الْأُخْرَى فَهُمَا سَوَاءٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَهَذَا بِنَاءً من الْمُصَنِّفِ على ما قَالَهُ قبل ذلك من تَقْدِيمِ أَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ على ما تَقَدَّمَ في التي قَبْلَهَا بَلْ هُنَا أَوْلَى وقدمة في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصة وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ الْمُطَلَّقَةِ قَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وفي مُخْتَصَرِ ابن رزين تُقَدَّمُ الْمُؤَقَّتَةُ. قَوْلُهُ: وَإِنْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا: بِالْمِلْكِ وَالْأُخْرَى بِالْمِلْكِ وَالنِّتَاجِ أو سَبَبٍ من أَسْبَابِ الْمِلْكِ فَهَلْ تُقَدَّمُ بِذَلِكَ على وَجْهَيْنِ وأطلقهما في الشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ أَحَدُهُمَا لَا تُقَدَّمُ بِذَلِكَ بَلْ هُمَا سَوَاءٌ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي تُقَدَّمُ بِذَلِكَ وهو قَوْلُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ من أصحابهِ فِيمَا إذَا كانت الْعَيْنُ في يَدِ غَيْرِهِمَا وَعَنْهُ تُقَدَّمُ بِسَبَبٍ مُفِيدٍ لِلسَّبْقِ كَالنِّتَاجِ وَالْإِقْطَاعِ قال في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا فَعَلَيْهَا وَاَلَّتِي قَبْلَهَا الْمُؤَقَّتَةُ وَالْمُطْلَقَةُ سَوَاءٌ وَقِيلَ تُقَدَّمُ الْمُطْلَقَةُ فَجُعِلَ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ في الْمَسْأَلَةِ التي قبل هذه مَبْنِيًّا على هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ وفي مُنْتَخَبِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ تُقَدَّمُ ذَاتُ السَّبَبَيْنِ على ذَاتِ السَّبَبِ وَشُهُودُ الْعَيْنِ على الْإِقْرَارِ. قَوْلُهُ: وَلَا تُقَدَّمُ إحْدَاهُمَا: بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى هذا الْأَشْهَرُ وَيَتَخَرَّجُ تَقْدِيمُ أَكْثَرِهِمَا عَدَدًا. قَوْلُهُ: وَلَا بِاشْتِهَارِ الْعَدَالَةِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَعَنْهُ تُقَدَّمُ من اُشْتُهِرَتْ عَدَالَتُهُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَه ابن أبي مُوسَى وأبو الْخَطَّابِ وأبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وقال وَيَتَخَرَّجُ منه التَّرْجِيحُ بِالْعَدْلِ وَحَكَاهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا. قَوْلُهُ: وَلَا الرَّجُلَانِ على الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الرَّجُلَانِ على الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ قال الشَّارِحُ بَعْدَ ذِكْرِ هذه الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ وَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ بِذَلِكَ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يُرَجِّحَ بِذَلِكَ مَأْخُوذًا من قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَيُقَدِّمُ الْأَعْمَى أَوْثَقَهُمَا في نَفْسِهِ وَقَالَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ لِأَنَّ أَحَدَ الْخَبَرَيْنِ يُرَجَّحُ بِذَلِكَ فَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ وَلِأَنَّهَا خَبَرٌ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا اُعْتُبِرَتْ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِالْمَشْهُودِ وإذا كَثُرَ الْعَدَدِ أو قَوِيَتْ الْعَدَالَةُ كان الظَّنُّ أَقْوَى قَالَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ الشَّاهِدَانِ علي الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابن منجا وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ أَحَدُهُمَا لَا يُقَدَّمُ الشَّاهِدَانِ على الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وهو الْمَذْهَبُ على ما أَصْلَحْنَاهُ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُقَدَّمَانِ على الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ قُلْت وهو الصَّوَابُ وهو الْمَذْهَبُ. قَوْلُهُ: وإذا تَسَاوَتَا تَعَارَضَتَا بِلَا نِزَاعٍ وَقَوْلُهُ وَقُسِمَتْ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ يَمِينٍ يَعْنِي إذَا كانت الْعَيْنُ في أَيْدِيهِمَا وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَاتِ فَتُسْتَعْمَلُ الْبَيِّنَتَانِ بِقِسْمَةِ الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ يَمِينٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَعَنْهُ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فَيَسْقُطَانِ بِالتَّعَارُضِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَعَلَيْهَا جَمَاهِيرُ الْأصحاب قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وهو الذي ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ كَثِيرٌ من الْأصحاب وقال وَلَعَلَّ مُنْشَأَ الْخِلَافِ إذَا تَعَارَضَ الدَّلِيلَانِ هل يَتَوَقَّفُ الْمُجْتَهِدُ أو يَتَخَيَّرُ في الْعَمَلِ بِأَحَدِهِمَا فيه خِلَافٌ انتهى. وَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا على النِّصْفِ الْمَحْكُومِ له بِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ وقال الزَّرْكَشِيُّ في الصُّلْحِ عِنْدَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَكَذَلِكَ إنْ كان مَحْلُولًا من بِنَاءَيْهِمَا وَصِفَةُ الْيَمِينِ قال أبو مُحَمَّدٍ أَنْ يَحْلِفَ كل وَاحِدٌ مِنْهُمَا على نِصْفِ الْحَائِطِ أَنَّهُ له وَلَوْ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا على جَمِيعِ الْحَائِطِ أَنَّهُ له دُونَ صَاحِبِهِ جَازَ وكان بَيْنَهُمَا قال الزَّرْكَشِيُّ قُلْت الذي يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ الْيَمِينُ على حَسْبِ الْجَوَابِ انتهى. وَتَقَدَّمَ هذا أَيْضًا وَعَنْهُ أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ قَرَعَ صَاحِبَهُ حَلَفَ وَأَخَذَهَا فَيُسْتَعْمَلُ الْبَيِّنَتَانِ بِالْقُرْعَةِ وَنَصَرَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ أنهما [أما] يَسْتَهِمَانِ على من تَكُونُ الْعَيْنُ له وَنَقَلَهُ صَالِحٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال الزَّرْكَشِيُّ وَرَدَ رِوَايَةٌ بِالْقُرْعَةِ فَيُحْتَمَلُ أنها بين الْبَيِّنَتَيْنِ وهو ظَاهِرُ ما في الرِّوَايَتَيْنِ لِلْقَاضِي ويحتمل [ويحصل] أنها بين الْمُتَدَاعِيَيْنِ وهو الذي حَكَاهُ الشَّرِيفُ فقال وَعَنْهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنَّ شَيْخَنَا كان يقول يُقْرَعُ بين الْمُتَدَاعِيَيْنِ لَا الْبَيِّنَتَيْنِ انتهى. وَحَكَى بن شِهَابٍ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ رِوَايَةً أَنَّهُ يُوقَفُ الْأَمْرُ حتى يَتَبَيَّنَ أو يَصْطَلِحَا عليه وَذَكَرَ في الْوَسِيلَةِ الرِّوَايَةُ الْأُولَى: وَالثَّانِيَةُ فِيمَا إذَا كانت الْعَيْنُ بِيَدِ أَحَدِهِمَا وقال في الْفُرُوعِ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى: وَالثَّالِثَةِ هل يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فيه رِوَايَتَانِ قال شَيْخُنَا في حَوَاشِيهِ على الْفُرُوعِ أَمَّا على رِوَايَةِ الْقُرْعَةِ فَلَا يَظْهَرُ حَلِفُ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ بَلْ الذي يَحْلِفُ هو الذي تَخْرُجُ له الْقُرْعَةُ وَهَكَذَا ذَكَرَهَا في الْمُقْنِعِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ فَلَعَلَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَهْمٌ انتهى.
تنبيه: قَوْلُهُ في الرِّوَايَةِ الْأُولَى: قُسِمَتْ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ يَمِينٍ وهو الصَّحِيحُ على هذه الرِّوَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّارِحِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ في مَوْضِعٍ وَعَنْهُ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ اخْتَارَهُ الخرقى وَغَيْرُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ كما تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ في الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا تَقَدَّمَ حُكْمُ ذلك في أَوَّلِ هذا الْقِسْمِ فَلْيُعَاوَدْ. قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا من زَيْدٍ لم تُسْمَعْ الْبَيِّنَةُ على ذلك حتى يَقُولَ وَهِيَ في مِلْكِهِ وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ بِهِ فإذا قَالَهُ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِهِ حُكِمَ له بها وَكَذَا إنْ شَهِدَتْ أَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهَا وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ حُكِمَ له بها فَإِنْ لم يذكر إلَّا التَّسْلِيمَ لم يُحْكَمْ وقال في الْكَافِي إذَا كانت في يَدِ زَيْدٍ دَارٌ فَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ ابْتَاعَهَا من غَيْرِهِ وَهِيَ في مِلْكِهِ وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً حُكِمَ له بها وَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهَا وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ حُكِمَ له بها لِأَنَّهُ لم يُسَلِّمْهَا إلَيْهِ إلَّا وَهِيَ في يَدِهِ وَإِنْ لم يذكر الْمِلْكَ وَلَا التَّسْلِيمَ لم يُحْكَمْ له بها لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَبِيعَهُ ما لَا يَمْلِكُهُ فَلَا يُزَالُ بِهِ صَاحِبُ الْيَدِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالتَّسْلِيمِ كَافِيَةٌ في الْحُكْمِ له بها وقال في الْفُرُوعِ وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً بِشِرَائِهَا من زَيْدٍ بِكَذَا وَقَبِلَ أو لم يَقْبَلْ وَهِيَ في مِلْكِهِ بَلْ تَحْتَ يَدِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ فَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ اشْتِرَاطُ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ كما هو ظَاهِرُ الْمُقْنِعِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الْكَافِي. وَاعْلَمْ أَنَّ فَرْضَ هذه الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا كانت الْعَيْنُ في يَدِ غَيْرِ الْبَائِعِ كما صَرَّحَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ.
تَنْبِيهَاتٌ: أَحَدُهَا: قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا من زَيْدٍ وَهِيَ في مِلْكِهِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا من عَمْرٍو وَهِيَ في مِلْكِهِ وَأَقَامَا بِذَلِكَ بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا مُرَادُهُ إذَا لم يُؤَرِّخَا قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ كانت في يَدِ أَحَدِهِمَا انبني ذلك على بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ على ما تَقَدَّمَ. الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أنها مِلْكُهُ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا منه أو وَقَفَهَا عليه أو اعتقه قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ بِلَا نِزَاعٍ قال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ دَاخِلًا كان أو خَارِجًا قال في الْفُرُوعِ قُدِّمَتْ. الثَّانِيَةُ: ولم يَرْفَعْ يَدَهُ كَقَوْلِهِ أَبْرَأَنِي من الدَّيْنِ الثَّالِثُ. قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّ هذه الدَّارَ لِأَبِي خَلَّفَهَا تَرِكَةٍ وَأَقَامَتْ امْرَأَتُهُ بَيِّنَةً أَنَّ أَبَاهُ أَصَدَقَهَا إيَّاهَا فَهِيَ لِلْمَرْأَةِ سَوَاءٌ كانت داخله أو خارجه. قَوْلُهُ: الْقِسْمُ الثَّالِثُ تَدَاعَيَا عَيْنًا في يَدِ غَيْرِهِمَا أعلم أَنَّهُمَا إذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا في يَدِ غَيْرِهِمَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُقِرَّ بها لَهُمَا أو يُنْكِرَهُمَا ولم يُنَازِعْ فيها أو يَدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ أو يُقِرُّ بها لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ أو يُقِرُّ بها لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ فيقول لَا أَعْلَمُ عَيْنَهُ مِنْهُمَا أو يُقِرُّ بها لِغَيْرِهِمَا فَإِنْ أَقَرَّ بها لَهُمَا فَهِيَ لَهُمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْجُزْءُ الذي أَقَرَّ بِهِ جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ أَقَرَّ بها لِأَحَدِهِمَا وقال لَا أَعْرِفُ عينة مِنْهُمَا فَتَارَةً يُصَدِّقَانِهِ وَتَارَةً يُكَذِّبَانِهِ أو أَحَدُهُمَا فَإِنْ صَدَّقَاهُ لم يَحْلِفْ وَإِنْ كَذَّبَاهُ أو أَحَدُهُمَا حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ قَرَعَ حَلَفَ وَهِيَ له هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ قال الزَّرْكَشِيُّ ولم يَتَعَرَّضْ الْخِرَقِيُّ لِوُجُوبِ الْيَمِينِ على الْمُقِرِّ وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةٍ ابن منصور إذَا قال أَوْدَعَنِي أَحَدُهُمَا لَا أَعْرِفُهُ عَيْنًا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا وَحَمَلَهُ الْقَاضِي على ما إذَا صَدَّقَاهُ في عَدَمِ الْعِلْمِ فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ عَادَ بَيْنَهُ فَقِيلَ كَتَبْيِينِهِ ابْتِدَاءً وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ إنْ أبي الْيَمِينَ من قَرْعٍ أَخَذَهَا أَيْضًا وَقِيلَ لِجَمَاعَةٍ من الْأصحاب لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ ثَبَتَ الْحَقُّ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ بِإِقْرَارِهِ وَإِلَّا لَصَحَّتْ الشَّهَادَةُ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ فَقَالُوا الشَّهَادَةُ لَا تَصِحُّ لِمَجْهُولٍ وَلَا بِهِ وَلَهُمَا الْقُرْعَةُ بَعْدَ تَحْلِيفِهِ الْوَاجِبِ وَقَبْلَهُ فَإِنْ نَكَلَ قُدِّمَتْ وَيَحْلِفُ لِلْمَقْرُوعِ إنْ كَذَّبَهُ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ منه بَدَلَهَا وَإِنْ أَقَرَّ بها لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ حَلَفَ وَهِيَ له وَيَحْلِفُ أَيْضًا الْمُقِرُّ لِلْآخَرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَحْلِفُ له فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ نَكَلَ أَخَذَ منه بَدَلَهَا وإذا أَخَذَهَا الْمُقِرُّ له فَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَخَذَهَا منه قال في الرَّوْضَةِ وَلِلْمُقِرِّ له قِيمَتُهَا على الْمُقِرِّ وَإِنْ أَنْكَرَهُمَا ولم يُنَازِعْ فقال في الْفُرُوعِ نَقَلَ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ يَقْرَعُ بَيْنَهُمَا كَإِقْرَارِهِ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ وقال في الْوَاضِحِ وَحَكَى أصحابنَا لَا يَقْرَعُ لِأَنَّهُ لم يَثْبُتْ لَهُمَا حَقٌّ كَشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بها لِغَيْرِهِمَا وَتُقَرُّ بيده حتى يَظْهَرُ رَبُّهَا وَكَذَا في التَّعْلِيقِ مَنْعًا أوما إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ ثَمَّ تَسْلِيمًا فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ أَخَذَهَا من فَرْعٍ ثُمَّ عَلِمَ أنها لِلْآخَرِ فَقَدْ مَضَى الْحُكْمُ نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال في التَّرْغِيبِ في التي بِيَدِ ثَالِثٍ غَيْرِ مُنَازِعٍ وَلَا بَيِّنَةٍ كَاَلَّتِي بِيَدَيْهِمَا وَذَكَرَه ابن رَزِينٍ وَغَيْرُهُ وقال في التَّرْغِيبِ وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْكُلَّ وَالْآخَرُ النِّصْفَ فَكَالَّتِي بِيَدَيْهِمَا إذْ الْيَدُ المستحقه لِلْوَضْعِ كموضوعه وفي التَّرْغِيبِ أَيْضًا لو ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَهَا فَصُدِّقَ أَحَدُهُمَا وَكُذِّبَ الْآخَرُ ولم يُنَازَعْ فَقِيلَ يُسَلَّمُ إلَيْهِ وَقِيلَ يَحْفَظُهُ حَاكِمٌ وَقِيلَ يَبْقَى بِحَالِهِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ وابن مَنْصُورٍ في التى قَبْلَهَا لمدعى كُلِّهَا نِصْفُهَا وَمَنْ قَرَعَ في النِّصْفِ الْآخَرِ حَلَفَ وَأَخَذَهُ قال في الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ وَإِنْ قال من هِيَ في يَدِهِ لَيْسَتْ لي وَلَا أَعْلَمُ لِمَنْ هِيَ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا يَقْتَرِعَانِ عليها كما لو أَقَرَّ بها لِأَحَدِهِمَا مُبْهَمًا وَالثَّانِي تُجْعَلُ عِنْدَ أَمِينِ الْحَاكِمِ وَالثَّالِثُ تُقِرُّ في يَدِ من هِيَ في يَدِهِ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ صَالِحٍ وَأَبِي طَالِبٍ وَأَبِي النَّضْرِ وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهَانِ الْأَخِيرَانِ مُخْرَجَانِ من مَسْأَلَةٍ من في يَدِهِ شَيْءٌ مُعْتَرَفٌ بِأَنَّهُ ليس له وَلَا يُعْرَفُ مَالِكُهُ فَادَّعَاهُ مُعَيَّنٌ فَهَلْ يُدْفَعُ إلَيْهِ أَمْ لَا وَهَلْ يُقِرُّ في يَدِ من هو في يَدِهِ أَمْ يَنْتَزِعُهُ الْحَاكِمُ فيه خِلَافٌ انتهى. وَإِنْ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ وهو قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ ادَّعَاهَا صَاحِبُ الْيَدِ لِنَفْسِهِ فقال الْقَاضِي يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهِيَ له وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وقال أبو بَكْرٍ بَلْ يُقْرَعُ بين المدعيين [المدعين] فَتَكُونُ لِمَنْ تَخْرُجُ له الْقُرْعَةُ قال الشَّارِحُ يَنْبَنِي على أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ إذَا تَعَارَضَتَا لَا تَسْقُطَانِ فَرَجَحَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بِالْقُرْعَةِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ نَكَلَ أَخَذَهَا منه وَبَدَّلَهَا وَاقْتَرَعَا عليها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الوجيزوغيره وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقْتَسِمَاهَا كما لو أَقَرَّ بها لَهُمَا وَنَكَلَ عن الْيَمِينِ قال في الْوَجِيزِ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَ لَهُمَا الْعَيْنُ أو عِوَضُهَا وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قد يُقَالُ تُجْزِئُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَيُقَالُ إنَّمَا تَجِبُ الْعَيْنُ يَقْتَرِعَانِ عليها وَيُقَالُ إذَا اقْتَرَعَا على الْعَيْنِ فَمَنْ قَرَعَ فَلِلْآخَرِ أَنْ يدعى عليه بها وَيُقَالُ إنَّ الْقَارِعَ هُنَا يَحْلِفُ ثُمَّ يَأْخُذُهَا لِأَنَّ النُّكُولَ غَايَتُهُ أَنَّهُ بَذْلٌ وَالْمَطْلُوبُ ليس له هُنَا بَذْلُ الْعَيْنِ فَيُجْعَلُ كَالْمُقِرِّ فَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ له وَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِمَا فَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ مستوفى [مستوف] في أَثْنَاءِ بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ.
فائدة: لو لم تَكُنْ بِيَدِ أَحَدٍ فَنَقَلَ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ هِيَ لِأَحَدِهِمَا بقرعه كَاَلَّتِي بِيَدِ ثَالِثٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا كما لو كانت بِيَدَيْهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ. قَوْلُهُ: فَإِنْ كان الْمُدَّعَى عَبْدًا فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا لم تُرَجَّحْ بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ كان لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ له بها وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وقال في الْفُرُوعِ وَإِنْ ادَّعَيَا رِقَّ بَالِغٍ وَلَا بَيِّنَةَ فَصَدَّقَهُمَا فَهُوَ لَهُمَا وَإِنْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا فَهُوَ له كَمُدَّعٍ وَاحِدٍ وَفِيهِ رِوَايَةٌ ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأصحابهُ وَإِنْ جَحَدَ قبل قَوْلِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَحَكَى لَا يُقْبَلُ. قَوْلُهُ: انتهى. قَوْلُهُ: وَإِنْ كان لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيِّنَةٌ تَعَارَضَتَا وَالْحُكْمُ على ما تَقَدَّمَ وَكَذَا قال الشَّارِحُ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وقال في الْفُرُوعِ فِيمَا إذَا ادَّعَيَا رِقَّ بَالِغٍ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا ثُمَّ إنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا لم تُرَجَّحْ بِهِ على رِوَايَةِ اسْتِعْمَالِهَا وَظَاهِرُ الْمُنْتَخَبِ مُطْلَقًا
فائدتان: إحْدَاهُمَا: لو أَقَامَ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِحُرِّيَّتِهِ تَعَارَضَتَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَقِيلَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْحُرِّيَّةِ وَقِيلَ عَكْسُهُ. الثَّانِيَةُ: لو كانت الْعَيْنُ بِيَدِ ثَالِثٍ أَقَرَّ بها لَهُمَا أو لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ أو لَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدٍ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَفِيهَا رِوَايَاتُ التَّعَارُضِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال في التَّرْغِيبِ إنْ تَكَاذَبَا فلم يُمْكِنْ الْجَمْعُ فَلَا كَشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِقَتْلٍ في وَقْتٍ بِعَيْنِهِ واخرى بِالْحَيَاةِ فيه وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ الْقُرْعَةُ هُنَا وَالْقِسْمَةُ فِيمَا بِأَيْدِيهِمَا وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ إنْ تَدَاعَيَا عَيْنًا بِيَدِ ثَالِثٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ الْبَيِّنَةَ أنها له سَقَطَتَا وَاسْتهمَا على من يَحْلِفُ وَتَكُونُ الْعَيْنُ له وَالثَّانِيَةُ يَقِفُ الْحُكْمُ حتى يَأْتِيَا بِأَمَارَتَيْنِ قال لِأَنَّ إحْدَاهُمَا: كَاذِبَةٌ فَسَقَطَتَا كما لو ادَّعَيَا زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ الْبَيِّنَةَ وَلَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُمَا يَسْقُطَانِ كَذَا هُنَا. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ صَاحِبُ الْيَدِ لِأَحَدِهِمَا لم تُرَجَّحْ بِذَلِكَ يَعْنِي إذَا أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بَعْدَ أَنْ أَنْكَرَهُمَا وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَتَيْنِ تَارَةً تَكُونُ قبل إقْرَارِهِ لِأَحَدِهِمَا وَتَارَةً تَكُونُ بَعْدَ إقْرَارِهِ فَإِنْ أَقَامَاهُمَا قبل إقْرَارِهِ وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ هُنَا فَحُكْمُ التَّعَارُضِ بِحَالِهِ وَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ على رِوَايَتَيْ الِاسْتِعْمَالِ وهو صَحِيحٌ مَسْمُوعٌ على رِوَايَةِ التَّسَاقُطِ قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ من الْأصحاب وَإِنْ كان إقْرَارُهُ قبل إقَامَةِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَالْمُقَدِّمَةُ كَبَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْمُؤَخِّرَةُ كَبَيِّنَةِ الْخَارِجِ فِيمَا ذَكَرَهُ قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ.
فائدة: لو ادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا وَادَّعَى الْآخَرُ نِصْفَهَا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَهِيَ لمدعى الْكُلِّ إنْ قَدَّمْنَا بَيِّنَةَ الْخَارِجِ وَإِلَّا فَهِيَ لَهُمَا وَإِنْ كانت بِيَدِ ثَالِثٍ فَقَدْ ثَبَتَ أَحَدُ نِصْفَيْهَا لِمُدَّعِي الْكُلِّ وَأَمَّا الْآخَرُ فَهَلْ يَقْتَسِمَانِهِ أو يَقْتَرِعَانِ عليه أو يَكُونُ لِلثَّالِثِ مع يَمِينِهِ على رِوَايَاتِ التَّعَارُضِ قَالَهُ في المحرروغيره قال في الْفُرُوعِ فَلِمُدَّعِي كُلِّهَا نِصْفٌ وَالْآخَرُ لِلثَّالِثِ بِيَمِينِهِ وَعَلَى اسْتِعْمَالِهِمَا يَقْتَسِمَانِهِ أو يَقْتَرِعَانِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كانت في يَدِ رَجُلٍ عَبْدٍ فَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ من زَيْدٍ وَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ زَيْدًا أَعْتَقَهُ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً انْبَنَى على بينه الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ مُرَادُهُ إذَا كانت الْبَيِّنَتَانِ مُؤَرَّخَتَيْنِ بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ أو مُطْلَقَتَيْنِ أو إحْدَاهُمَا: مُطْلَقَةٌ وَنَقُولُ هُمَا سَوَاءٌ قَالَهُ الشَّارِحُ وابن مُنَجَّا فَإِنْ كان في يَدِ المشترى فَالْمُشْتَرِي دَاخِلٌ وَالْعَبْدُ خَارِجٌ هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ ابن منجا في شَرْحِهِ قال في الْمُحَرَّرِ وَلَوْ كان الْعَبْدُ بِيَدِ أَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ أو بِيَدِ نَفْسِهِ وَادَّعَى عِتْقَ نَفْسِهِ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِذَلِكَ صَحَحْنَا أَسْبَقَ التَّصَرُّفَيْنِ إنْ عُلِمَ التَّارِيخُ وَإِلَّا تَعَارَضَتَا نَصَّ عليه إلْغَاءٌ لِهَذِهِ الْيَدِ لِلْعِلْمِ بِمُسْتَنِدِهَا وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَعَنْهُ أنها يَدٌ مُعْتَبَرَةٌ فَلَا تَعَارُضَ بَلْ الْحُكْمُ على الْخِلَافِ في الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ التي جَزَمَ بها الْمُصَنِّفُ هُنَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَتَقَدَّمَ في بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ شَيْءٌ من ذلك. قَوْلُهُ: وَإِنْ كان الْعَبْدُ في يَدِ زَيْدٍ يَعْنِي الْبَائِعَ فَالْحُكْمُ فيه حُكْمُ ما إذَا ادَّعَيَا عَيْنًا في يَدِ غَيْرِهِمَا على ما تَقَدَّمَ قَرِيبًا قال في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى أو اتَّهَبَ من زَيْدٍ عَبْدَهُ وَادَّعَى آخَرُ كَذَلِكَ أو ادَّعَى الْعَبْدُ الْعِتْقَ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِذَلِكَ صَحَحْنَا أَسْبَقَ التَّصَرُّفَيْنِ إنْ عُلِمَ التَّارِيخُ وَإِلَّا تَعَارَضَتَا فَيَسْقُطَانِ أو يُقْسَمُ فَيَكُونُ نِصْفُهُ مَبِيعًا وَنِصْفُهُ حُرًّا وَيَسْرِي الْعِتْقُ إلَى جَمِيعِهِ إنْ كان الْبَائِعُ مُوسِرًا وَيَقْرَعُ كما سَبَقَ وَعَنْهُ تُقَدَّمَ بَيِّنَةُ الْعِتْقِ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ. قَوْلُهُ: وأن كان في يَدِ رَجُلٍ عَبْدٌ فَادَّعَى عليه رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ منى بِثَمَنٍ سَمَّاهُ فَصَدَّقَهُمَا لَزِمَهُ الثَّمَنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ أَنْكَرَهُمَا حَلَفَ لَهُمَا وبرىء [وبرئ] وَإِنْ صَدَّقَ أَحَدُهُمَا لَزِمَهُ ما ادَّعَاهُ وَحَلَفَ لِلْآخَرِ وَإِنْ كان لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَلَهُ الثَّمَنُ وَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً فَأَمْكَنَ صِدْقُهُمَا لِاخْتِلَافِ تَارِيخِهِمَا أو إطْلَاقِهِمَا أو إطْلَاقِ إحْدَاهُمَا: وَتَأْرِيخِ الْأُخْرَى عَمِلَ بِهِمَا وَهَذَا هو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَقِيلَ إنْ لم يُؤَرِّخَا أو إحْدَاهُمَا: تَعَارَضَتَا. قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّفَقَ تَارِيخُهُمَا تَعَارَضَتَا وَالْحُكْمُ على ما تَقَدَّمَ في تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ بَاعَنِي إيَّاهُ بِأَلْفٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا بِلَا نِزَاعٍ وَهِيَ له قال في الْفُرُوعِ وَلِلثَّانِي الثَّمَنُ فَإِنْ لم تَسْبِقْ إحْدَاهُمَا: تَعَارَضَتَا يَعْنِي فيها رِوَايَاتُ التَّعَارُضِ بِلَا نِزَاعٍ فَعَلَى رِوَايَةِ الْقِسْمَةِ يَتَحَالَفَانِ وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا على الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَلَهُ الْفَسْخُ فَإِنْ فَسَخَ رَجَعَ بِكُلِّ الثَّمَنِ فَلَوْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ أَخْذُهُ كُلَّهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال في المغنى هذا إذَا لم يَكُنْ حُكِمَ له بِنِصْفِهَا أو نِصْفِ الثَّمَنِ وَعَلَى رِوَايَةِ الْقُرْعَةِ هو لِمَنْ قَرَعَ وَعَلَى رِوَايَةِ التَّسَاقُطِ يَعْمَلُ كما سَبَقَ.
تنبيه: يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ قَوْلِهِ بَاعَنِي إيَّاهُ بِأَلْفٍ فيقول وهو مِلْكُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَصِحُّ وَلَوْ لم يَقُلْ ذلك بَلْ قال وَهِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك عِنْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا من زَيْدٍ لم تُسْمَعْ الْبَيِّنَةُ حتى يَقُولَ وَهِيَ مِلْكُهُ.
فائدة: لو أُطْلِقَتْ الْبَيِّنَتَانِ أو إحْدَاهُمَا: في هذه الْمَسْأَلَةِ تَعَارَضَتَا في الْمِلْكِ إذَنْ لَا في الشِّرَاءِ لِجَوَازِ تَعَدُّدِهِ وَإِنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ إذَنْ لِنَفْسِهِ قُبِلَ إنْ سَقَطَتَا فَيَحْلِفُ يَمِينًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَمِينَيْنِ وَإِنْ قُلْنَا لَا تَسْقُطَانِ عَمِلَ بها بِقُرْعَةٍ أو يَقْسِمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَهَا بِنِصْفِ الثَّمَنِ على رِوَايَتَيْ الْقُرْعَةِ وَالْقِسْمَةِ قوله وَإِنْ قال أَحَدُهُمَا غَصَبَنِي إيَّاهُ وقال الْآخَرُ مَلَّكَنِيهِ أو أَقَرَّ لي بِهِ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً فَهِيَ لِلْمَغْصُوبِ منه وَلَا يَغْرَمُ لِلْآخَرِ شيئا بِلَا نِزَاعٍ لِأَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ غَصْبُهُ من هذا ثُمَّ مَلَكَهُ الْآخَرُ.
فائدة: لو ادَّعَى أَنَّهُ أَجَّرَهُ الْبَيْتَ بِعَشْرَةٍ فقال الْمُسْتَأْجِرُ بَلْ كُلَّ الدَّارِ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَقِيلَ تُقَدَّمَ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ لِلزِّيَادَةِ وَقِيلَ يَتَعَارَضَانِ وَلَا قِسْمَةَ هُنَا قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَتَقَدَّمَ في أَوَائِلِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ ما يَصِحُّ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ فيه قبل الدَّعْوَى وما لَا يَصِحُّ.
قَوْلُهُ: إذَا قال لِعَبْدِهِ مَتَى قُتِلْت فَأَنْتَ حُرٌّ فَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ قُتِلَ فَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ فَالْقَوْلُ. قَوْلُهُ:مْ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ وَاحِدٍ منهم بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ فَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ فَيُعْتَقُ أو يَتَعَارَضَانِ وَيَبْقَى على الرِّقِّ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ أَحَدُهُمَا تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ وَيُعْتَقُ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَتَعَارَضَانِ وَيَبْقَى على الرِّقِّ وقال في الْمُحَرَّرِ وَقِيلَ يَتَعَارَضَانِ فَيَقْضِي بِالتَّسَاقُطِ أو الْقُرْعَةِ أو الْقِسْمَةِ. قَوْلُهُ: وَلَوْ قال إنْ مِتّ في الْمُحَرَّمِ فَسَالِمٌ حُرٌّ وَإِنْ مِتّ في صَفَرٍ فَغَانِمٌ حُرٌّ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً بِمُوجِبِ عِتْقِهِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ سَالِمٍ هذا أَحَدُ الْوُجُوهِ في الْمَسْأَلَةِ وَجَزَمَ بِهِ ابن منجا في شَرْحِهِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَتَعَارَضَانِ وَيَسْقُطَانِ وَيَبْقَى الْعَبْدُ على الرِّقِّ وَيَصِيرُ كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الْفُرُوعِ قال في الْمُحَرَّرِ وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً بِمُوجِبِ عِتْقِهِ تَعَارَضَتَا وكان كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ له في رِوَايَةٍ أو يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا في الْأُخْرَى وَقِيلَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ مُحَرَّمٍ بِكُلِّ حَالٍ انتهى. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ قَرَعَ عَتَقَ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الشَّرْحِ.
فائدة: لو لم تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَجُهِلَ وَقْتُ مَوْتِهِ رُقَّا مَعًا بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ عُلِمَ مَوْتُهُ في أَحَدِ الشَّهْرَيْنِ اقرع بَيْنَهُمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَقِيلَ يَعْمَلُ فِيهِمَا بِأَصْلِ الْحَيَاةِ فَعَلَى هذا يُعْتَقُ غَانِمٌ. قَوْلُهُ: وَإِنْ قال إنْ مِتّ في مَرَضِي هذا فَسَالِمٌ حُرٌّ وَإِنْ بَرِئَتْ فَغَانِمٌ حُرٌّ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا وَبَقِيَا على الرِّقِّ ذَكَرَهُ أصحابنَا وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ مِنْهُمَا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالْقِيَاسُ أَنْ يُعْتَقَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قُلْت وهو الصَّوَابُ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَقَ غَانِمٌ وَحْدَهُ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ تَشْهَدُ بِزِيَادَةٍ وهو قَوِيٌّ وَقِيلَ يُعْتَقُ سَالِمٌ وَحْدَهُ.
فوائد: الْأُولَى: لو قال إنْ مِتّ من مَرَضِي هذا فَسَالِمٌ حُرٌّ وَإِنْ بَرِئْت فَغَانِمٌ حُرٌّ واقاما بَيِّنَتَيْنِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ التي قَبْلَهَا عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأصحاب وقال في التَّرْغِيبِ هُنَا يَرِقَّانِ وَجْهًا وَاحِدًا يَعْنِي لِتَكَاذُبِهِمَا على كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ. الثَّانِيَةُ: لو قال إنْ مِتّ في مَرَضِي هذا فَسَالِمٌ حُرٌّ وَإِنْ بَرِئْت فَغَانِمٌ حُرٌّ وَجُهِلَ في أَيِّهِمَا مَاتَ اقرع بَيْنَهُمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَقِيلَ يُعْتَقُ سَالِمٌ وَقِيلَ يُعْتَقُ غَانِمٌ. الثَّالِثَةُ: لو قال إنْ مِتّ من مَرَضِي بَدَلَ في مَرَضِي وَجُهِلَ مِمَّا مَاتَ فَقِيلَ بِرِقِّهِمَا لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ في الْمَرَضِ بِحَادِثٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَقِيلَ بِالْقُرْعَةِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْحَادِثِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَقِيلَ يُعْتَقُ سَالِمٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الْمَرَضِ وَعَدَمُ الْبُرْءِ وَقِيلَ يُعْتَقُ غَانِمٌ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وَأُطْلِقَ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ في الْقَوَاعِدِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَتْلَفَ ثَوْبًا فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ قِيمَتَهُ عِشْرُونَ وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّ قِيمَتَهُ ثَلَاثُونَ لَزِمَهُ أَقَلُّ الْقِيمَتَيْنِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَنَصَرَاهُ وَغَيْرُهُمْ وَقِيلَ تَسْقُطَانِ لِتَعَارُضِهِمَا وَقِيلَ يُقْرَعُ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ ثَلَاثُونَ وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في نَظِيرِهَا فِيمَنْ أَجَّرَ حِصَّةَ مُوَلِّيهِ فقالت بَيِّنَةٌ أَجَّرَهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا وَقَالَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى أَجَّرَهَا بِنِصْفِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ.
فائدة: لو كان بِكُلِّ قِيمَةٍ شَاهِدٌ ثَبَتَ الْأَقَلُّ بِهِمَا على الْمَذْهَبِ لَا على رِوَايَةِ التَّعَارُضِ قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وقال في الْفُرُوعِ ثَبَتَ الْأَقَلُّ بِهِمَا على الْأَوَّلَةِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَحْلِفُ مع أَحَدِهِمَا وَلَا تَعَارُضَ وقال الشَّارِحُ لو شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ دِرْهَمَانِ وَشَاهِدٌ أَنَّ قِيمَتَهُ ثَلَاثَةٌ ثَبَتَ ما اتَّفَقَا عليه وهو دِرْهَمَانِ وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ مع الْآخَرِ على دِرْهَمٍ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا على دِرْهَمَيْنِ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِدِرْهَمٍ فَأَشْبَهَ ما لو شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِخَمْسِمِائَةِ وقال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ لو اخْتَلَفَتْ ببينتان [بينتان] في قِيمَةِ عَيْنٍ قَائِمَةٍ لِيَتِيمٍ يُرِيدُ الْوَصِيُّ بَيْعَهَا أَخَذَ بِبَيِّنَةِ الْأَكْثَرِ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَابْنُهَا فقال زَوْجُهَا مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا ثُمَّ مَاتَ ابْنِي فَوَرِثْتُهُ وقال اخوها مَاتَ ابْنُهَا فَوَرِثَتْهُ ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا وَلَا بَيِّنَةَ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا على إبْطَالِ دَعْوَى صَاحِبِهِ وكان مِيرَاثُ الإبن لِأَبِيهِ وَمِيرَاثُ الْمَرْأَةِ لِأَخِيهَا وَزَوْجِهَا نِصْفَيْنِ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب قال في الْفُرُوعِ في بَابِ مِيرَاثِ الْغَرْقَى اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قال الْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ في بَابِ مِيرَاثِ الْغَرْقَى هذا أَحْسَنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ وقال ابن أبي مُوسَى يُعَيَّنُ السَّابِقُ بِالْقُرْعَةِ كما لو قال أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ حُرٌّ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ وَأُشْكِلَ السَّابِقُ مِنْهُمَا وقال أبو الْخَطَّابِ وَمَنْ تَبِعَهُ يَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا من صَاحِبِهِ من تِلَادِ مَالِهِ دُونَ ما وَرِثَهُ عن الْمَيِّتِ معه كما لو جَهِلَ الْوَرَثَةُ مَوْتَهُمَا على ما تَقَدَّمَ في بَابِ مِيرَاثِ الْغَرْقَى قال الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وقال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَقِيَاسُ مَسَائِلِ الْغَرْقَى أَنْ يَجْعَلَ لِلْأَخِ السُّدُسَ من مَالِ الِابْنِ وَالْبَاقِيَ لِلزَّوْجِ وقال ابو بَكْرٍ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَالَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَهَذَا لَا نَدْرِي مَاذَا أَرَادَ بِهِ إنْ أَرَادَ أَنَّ مَالَ الإبن وَالْمَرْأَةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لم يَصِحَّ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى إعْطَاءِ الْأَخِ ما لَا يَدَّعِيهِ وَلَا يَسْتَحِقُّهُ يَقِينًا لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي من مَالِ الِابْنِ أَكْثَرَ من السُّدُسِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَحِقَّ أَكْثَرَ منه وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ ثُلُثَ مَالِ الِابْنِ يُضَمُّ إلَى مَالِ الْمَرْأَةِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ لم يَصِحَّ لِأَنَّ نِصْفَ ذلك لِلزَّوْجِ بِاتِّفَاقٍ فِيهِمَا لَا يُنَازِعُهُ الْأَخُ فيه وَإِنَّمَا النِّزَاعُ بَيْنَهُمَا في نِصْفِهِ قال وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هذا مُرَادُهُ كما لو تَنَازَعَ رَجُلَانِ دَارًا في أَيْدِيهِمَا أو ادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا كُلَّهَا وَالْآخَرُ نِصْفَهَا فَإِنَّهَا تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا وَيُعْمَلُ فيها كما تَقَدَّمَ من اخْتِلَافِهِمَا في السَّابِقِ وَعَدَمِ الْبَيِّنَةِ على الصَّحِيحِ وقال جَمَاعَةٌ من الْأصحاب إنْ تَعَارَضَتْ وَقُلْنَا بِالْقِسْمَةِ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا ما اخْتَلَفَا فيه نِصْفَانِ وَتَقَدَّمَ ذلك كُلُّهُ في بَابِ مِيرَاثِ الْغَرْقَى فَلْيُعَاوَدْ. قَوْلُهُ: وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ على مَيِّتٍ أَنَّهُ وَصَّى بِعِتْقِ سَالِمٍ وهو ثُلُثُ مَالِهِ وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهُ وَصَّى بِعِتْقِ غَانِمٍ وهو ثُلُثُ مَالِهِ اقرع بَيْنَهُمَا فَمَنْ تَقَعُ له الْقُرْعَةُ عَتَقَ دُونَ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ ومنتخب [ومنتحب] الأدمى وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال أبو بكروابن أبي مُوسَى يُعْتَقُ من كل وَاحِدٍ نِصْفَهُ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ قال في الْمُحَرَّرِ وهو بَعِيدٌ عن [على] الْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ غَانِمٍ أَنَّهُ رَجَعَ عن عِتْقِ سَالِمٍ عَتَقَ غَانِمٌ وَحْدَهُ سَوَاءٌ كانت وَارِثَةً أو لم تَكُنْ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا. قَوْلُهُ: وَإِنْ كانت قِيمَةُ غَانِمٍ سُدُسَ الْمَالِ وَبَيِّنَتُهُ أَجْنَبِيَّةٌ قُبِلَتْ وَإِنْ كانت وَارِثَةً عَتَقَ الْعَبْدَانِ يَعْنِي إنْ شَهِدَتْ الْوَارِثَةُ بِأَنَّهُ رَجَعَ عن عِتْقِ سَالِمٍ عَتَقَ الْعَبْدَانِ ولم تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال أبو بَكْرٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِسَالِمٍ عَتَقَ وَحْدَهُ وَإِنْ خَرَجَتْ لِغَانِمٍ عَتَقَ هو وَنِصْفُ سَالِمٍ قال في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَقَبِلَهَا أبو بَكْرٍ بِالْعِتْقِ لَا الرُّجُوعِ فَيُعْتَقُ نِصْفُ سَالِمٍ وَيُقْرَعُ بين بَقِيَّتِهِ وَالْآخَرُ. قَوْلُهُ: وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَعْتَقَ سَالِمًا في مَرَضِهِ وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ غَانِمٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثُ الْمَالِ عَتَقَ سَالِمٌ وَحْدَهُ وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ غَانِمٍ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ في مَرَضِهِ أَيْضًا عَتَقَ اقدمهما تَارِيخًا إنْ كانت الْبَيِّنَتَانِ أَجْنَبِيَّتَانِ عَتَقَ أَسْبِقُهُمَا تَارِيخًا وَكَذَلِكَ إنْ كانت بَيِّنَةً أَحَدُهُمَا وَارِثَةٌ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وهو قَوْلُهُ: فَإِنْ كانت بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا وَارِثَةً ولم تُكَذَّبْ الْأَجْنَبِيَّةُ فَكَذَلِكَ وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمَا.
فائدة: لو كانت ذَاتُ السَّبْقِ الْأَجْنَبِيَّةَ فَكَذَّبَتْهَا الْوَارِثَةُ أو كانت ذَاتُ السَّبْقِ الْوَارِثَةَ وَهِيَ فَاسِقَةٌ عَتَقَ الْعَبْدَانِ. قَوْلُهُ: فَإِنْ جُهِلَ السَّابِقُ عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ هذا الْمَذْهَبُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ ابن منجا في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يُعْتَقُ من كل عَبْدٍ نِصْفُهُ قال في الْمُحَرَّرِ وهو بَعِيدٌ على الْمَذْهَبِ قال في الْمُنْتَخَبِ كَدَلَالَةِ كَلَامِهِ على تَبْعِيضِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِمَا نحو اعْتِقُوا إنْ خَرَجَ من الثُّلُثِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ قالت أَيْ الْبَيِّنَةُ الْوَارِثَةُ ما أَعْتَقَ سَالِمًا وَإِنَّمَا أَعْتَقَ غَانِمًا عَتَقَ غَانِمٌ كُلُّهُ وَحُكْمُ سَالِمٍ كَحُكْمِهِ لو لم يَطْعَنْ في بَيِّنَتِهِ في أَنَّهُ يُعْتَقُ إنْ تَقَدَّمَ تَارِيخُ عِتْقِهِ أو خَرَجَتْ له الْقُرْعَةُ وَإِلَّا فَلَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ غَانِمًا يُعْتَقُ كُلُّهُ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو أَصَحُّ وَقِيلَ يعتق [عتق] ثُلُثَاهُ إنْ حُكِمَ بِعِتْقِ سَالِمٍ وهو ثُلُثُ الْبَاقِي لِأَنَّ الْعَبْدَ الذي شَهِدَ بِهِ الْأَجْنَبِيَّانِ كَالْمَغْصُوبِ من التَّرِكَةِ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كانت الْوَارِثَةُ فَاسِقَةً ولم تَطْعَنُ في بَيِّنَةِ سَالِمٍ عَتَقَ سَالِمٌ كُلُّهُ وَيُنْظَرُ في غَانِمٍ فَإِنْ كان تَارِيخُ عِتْقِهِ سَابِقًا أو خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ له عَتَقَ كُلُّهُ وَإِنْ كان مُتَأَخِّرًا أو خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِسَالِمٍ لم يُعْتَقْ منه شَيْءٌ وَهَذَا الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وقال الْقَاضِي يُعْتَقُ من غَانِمٍ نِصْفُهُ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كَذَّبَتْ بَيِّنَةَ سَالِمٍ عَتَقَ الْعَبْدَانِ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَقِيلَ يُعْتَقُ من غَانِمٍ ثُلُثَاهُ كما تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ قَالَهُ الشَّارِحُ.
فائدة: التَّدْبِيرُ مع التَّنْجِيزِ كَآخَر التَّنْجِيزَيْنِ مع أَوَّلِهِمَا في كل ما تَقَدَّمَ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ: وإذا مَاتَ رَجُلٌ وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ مُسْلِمًا وَكَافِرًا فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَاتَ على دِينِهِ فَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ من يَدَّعِيهِ وَإِنْ لم يُعْرَفْ فَالْمِيرَاثُ لِلْكَافِرِ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقِرُّ وَلَدَهُ على الْكُفْرِ في دَارِ الْإِسْلَامِ وهو الْمَذْهَبُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْتَرِفَ الْمُسْلِمُ أَنَّ الْكَافِرَ أَخُوهُ وهو الذي قَالَهُ الْخِرَقِيُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ ابن أبي موسى رِوَايَةً عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُمَا في الدَّعْوَى سَوَاءٌ فَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَنَقَلَهَا ابن منصور سَوَاءٌ اعْتَرَفَ بِالْأُخُوَّةِ أولا وهو من الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا وَقِيلَ بِالْقُرْعَةِ وَقِيلَ الْمَالُ لِلْمُسْلِمِ وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَقِيلَ بِالْوَقْفِ وهو احْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ وقال الْقَاضِي إنْ كانت التَّرِكَةُ بِأَيْدِيهِمَا تَحَالَفَا وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا قال في الْفُرُوعِ وهو سَهْوٌ لِاعْتِرَافِهِمَا أَنَّهُ إرْثٌ قال الْمُصَنِّفُ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أنها له مع يَمِينِهِ وَلَا يَصِحُّ لِاعْتِرَافِهِمَا بِأَنَّ التَّرِكَةَ لِلْمَيِّتِ وَأَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا بِالْإِرْثِ فَلَا حُكْمَ لِلْيَدِ انتهى. قُلْت قال ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَإِنْ كانت بِيَدَيْهِمَا حَلَفَا وَتَنَاصَفَاهَا اعْتَرَفَا بِالْأُخُوَّةِ أَوَّلًا وفي مُخْتَصَرِ ابن رزين إنْ عَرَفَ وَلَا بَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ المدعى وَقِيلَ يُقْرَعُ أو يُوقَفُ. قَوْلُهُ: وَإِنْ لم يَعْتَرِفْ الْمُسْلِمُ أَنَّهُ أخوة ولم تَقُمْ بَيِّنَةٌ فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ وقال هذا الْمَشْهُورُ وَغَيْرُهُمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِ لِأَنَّ حُكْمَ الْمَيِّتِ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ في غُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عليه وقال الْقَاضِي الْقِيَاسُ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا قال في المغنى هُنَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقِفَ الْأَمْرُ حتى يَظْهَرَ أَصْلُ دِينِهِ.
فائدة: هذه الْأَحْكَامُ إذَا لم يُعْرَفْ أَصْلُ دِينِهِ فَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ فَالْمَذْهَبُ كما قال الْمُصَنِّفُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبوالخطاب وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَالْمَجْدُ وقال رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ من يَدَّعِيهِ وَأَجْرَى ابن عقِيلٍ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ على إطْلَاقِهِ فَحَكَى عنه أَنَّ الْمِيرَاثَ لِلْكَافِرِ وَالْحَالَةُ هذه وَقَدَّمَهُ كما يَقُولُهُ الْجَمَاعَةُ قال الزَّرْكَشِيُّ وَشَذَّ الشِّيرَازِيُّ فَحَكَى فيه الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِيمَا إذَا اعْتَرَفَ بِالْأُخُوَّةِ ولم يُعْرَفْ أَصْلُ دِينِهِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ مَاتَ على دِينِهِ تَعَارَضَتَا إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَتَانِ بِذَلِكَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُعْرَفَ أَصْلُ دِينِهِ أولا فَإِنْ لم يُعْرَفْ أَصْلُ دِينِهِ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِالتَّعَارُضِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ منهم الْخِرَقِيُّ وَالْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَالشِّيرَازِيُّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَعَنْهُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْعُمْدَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ قُدِّمَتْ الْبَيِّنَةُ النَّاقِلَةُ عنه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ التَّعَارُضُ لِأَنَّهُ لم يُفَرِّقْ بين من عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ وَبَيْنَ من لم يُعْرَفْ أَصْلُ دِينِهِ وقال الشَّارِحُ إنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ نَظَرْنَا في لَفْظِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ شَهِدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ كان آخِرُ كَلَامِهِ التَّلَفُّظُ بِمَا شَهِدَتْ بِهِ فَهُمَا مُتَعَارِضَتَانِ وَإِنْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا: أَنَّهُ مَاتَ على دِينِ الْإِسْلَامِ وَشَهِدَتْ الْأُخْرَى أَنَّهُ مَاتَ على دِينِ الْكُفْرِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ من يدعى انْتِقَالَهُ عن دِينِهِ انتهى. وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ قالت بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ مَاتَ مُسْلِمًا وَبَيِّنَةُ الْكَافِرِ مَاتَ كَافِرًا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ وَقِيلَ إنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ قُدِّمَتْ النَّاقِلَةُ عنه وَقِيلَ بِالتَّعَارُضِ مُطْلَقًا كما لو جُهِلَ وَقِيلَ تُقَدَّمُ إحْدَاهُمَا: بِقُرْعَةٍ وَقِيلَ يَرِثَانِهِ نِصْفَيْنِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ قال شَاهِدَانِ نَعْرِفُهُ مُسْلِمًا وقال شَاهِدَانِ نَعْرِفُهُ كَافِرًا فَالْمِيرَاثُ لِلْمُسْلِمِ إذَا لم يُؤَرِّخْ الشُّهُودُ مَعْرِفَتَهُمْ إذَا شَهِدَتْ الشُّهُودُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُعْرَفَ أَصْلُ دِينِهِ أولا فَإِنْ لم يُعْرَفْ بَلْ جُهِلَ أَصْلُ دِينِهِ فَالْمِيرَاثُ لِلْمُسْلِمِ إذَا لم يُؤَرِّخْ الشُّهُودُ كما هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَالشِّيرَازِيُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْعُمْدَةِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَعَنْهُ يَتَعَارَضَانِ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ منهم الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَاخْتَارَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَلَوْ اتَّفَقَ تَارِيخُهُمَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِيِّ وَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ قُدِّمَتْ الْبَيِّنَةُ النَّاقِلَةُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَقُدِّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ أَنَّ بَيِّنَةَ الْإِسْلَامِ تُقَدَّمُ وَذَكَرَ قَوْلًا بِالتَّعَارُضِ وَقَوْلًا تُقَدَّمُ إحْدَاهُمَا: بِقُرْعَةٍ وَقَوْلًا يَرِثَانِهِ نِصْفَيْنِ.
فائدة: لو شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ مَاتَ نَاطِقًا بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وَبَيِّنَةٌ أَنَّهُ مَاتَ نَاطِقًا بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ تَعَارَضَتَا سَوَاءٌ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ أولا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ مَاتَ لَمَّا نَطَقَ بِالْإِسْلَامِ وَبَيِّنَةٌ أَنَّهُ مَاتَ لَمَّا نَطَقَ بِالْكُفْرِ وَعُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ أو جُهِلَ سَقَطَتَا وَالْحُكْمُ كما سَبَقَ وَعَنْهُ لَا سُقُوطَ وَيَرِثُهُ من قَرَعَ وَعَنْهُ بَلْ هماانتهى وقال ابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ إنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ قبل قَوْلِ من يدعى نَفْيَهُ وَشَذَّذَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: وَإِنْ خَلَّفَ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ وَابْنَيْنِ مُسْلِمِينَ فَاخْتَلَفُوا في دِينِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبَوَيْنِ كما لو عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الِابْنَيْنِ لِأَنَّ كُفْرَ أَبَوَيْهِ يَدُلُّ على أَصْلِ دِينِهِ في صِغَرِهِ وَإِسْلَامُ ابْنَيْهِ يَدُلُّ على إسْلَامِهِ في كِبَرِهِ فَيُعْمَلُ بِهِمَا جميعا وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَوْلَى وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا إن حُكْمَهُمْ كَحُكْمِ الِابْنِ الْمُسْلِمِ وَالِابْنِ الْكَافِرِ على ما تُقَدَّمُ من التَّفْصِيلِ وَالْخِلَافِ وَجَزَمَ بِهِ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ خَلَّفَ ابْنًا كَافِرًا وَأَخَا وَامْرَأَةً مُسْلِمَيْنِ وَاخْتَلَفُوا في دِينِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنِ على قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وقال الْقَاضِي يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمُ الِابْنِ الْمُسْلِمِ مع الِابْنِ الْكَافِرِ على ما تَقَدَّمَ من التَّفْصِيلِ وَالْخِلَافِ وَجَزَمَ بِهِ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وقال أبو بَكْرٍ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ تعطي الْمَرْأَةُ الرُّبُعَ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي بين الِابْنِ وَالْأَخِ نِصْفَيْنِ قال في الْمُحَرَّرِ وهو بَعِيدٌ وَحَكَى عن أبي بَكْرٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُعْطَى الثُّمُنَ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ وَالْأَخِ نِصْفَيْنِ قال في الْمُحَرَّرِ أَيْضًا وهو بَعِيدٌ وقال في الْفُرُوعِ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى: وَمَتَى نَصَّفْنَا الْمَالَ فَنِصْفُهُ لِلْأَبَوَيْنِ على ثَلَاثَةٍ وقال في الثَّانِيَةِ مَتَى نَصَّفْنَاهُ فَنِصْفُهُ لِلزَّوْجَةِ وَالْأَخِ على أَرْبَعَةٍ. قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ مُسْلِمًا وَكَافِرًا فَأَسْلَمَ الْكَافِرُ وقال أَسْلَمْت قبل مَوْتِ أبي وقال أَخُوهُ بَلْ بَعْدَهُ فَلَا مِيرَاثَ له فَإِنْ قال أَسْلَمْت في الْمُحَرَّمِ وَمَاتَ أبي في صَفَرٍ وقال أَخُوهُ بَلْ مَاتَ في ذى الْحِجَّةِ فَلَهُ الْمِيرَاثُ مع أَخِيهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ قَطَعَ بِهِ الْأصحاب في الثَّانِيَةِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ في الْأُولَى: وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ.
فوائد: الْأُولَى: لو أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً بِذَلِكَ فَهَلْ يَتَعَارَضَانِ أو تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ مدعى تَقْدِيمِ مَوْتِهِ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. الثَّانِيَةُ: لو خَلَّفَ كَافِرٌ ابْنَيْنِ مُسْلِمًا وَكَافِرًا فقال الْمُسْلِم أَسْلَمْت أنا عَقِبَ مَوْتِ أبي وَقَبْلَ قَسْمِ تَرِكَتِهِ على رِوَايَةٍ فَإِرْثُهُ لي وقال الْآخَرُ بَلْ أَسْلَمْت قبل مَوْتِهِ فَلَا إرْثَ لَك صُدِّقَ الْمُسْلِمُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِمَا قَالَا قُدِّمْت بَيِّنَةُ الْكَافِرِ سَوَاءٌ اتَّفَقَا على مَوْتِ أَبِيهِمَا أولا فَإِنْ اتَّفَقَا أَنَّ الْمُسْلِمَ أَسْلَمَ في رَمَضَانَ فقال مَاتَ أبي في شَوَّالٍ فَأَرِثُهُ أنا وَأَنْتَ وقال الْكَافِرُ بَلْ مَاتَ في شَوَّالٍ صُدِّقَ الْكَافِرُ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ صُدِّقَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ. الثَّالِثَةُ: لو خَلَّفَ حُرٌّ ابْنًا حُرًّا وَابْنًا كان عَبْدًا فَادَّعَى أَنَّهُ عَتَقَ وَأَبُوهُ حَيٌّ وَلَا بَيِّنَةَ صُدِّقَ أَخُوهُ في عَدَمِ ذلك وَإِنْ تبت [ثبت] عِتْقُهُ في رَمَضَانَ فقال الْحُرُّ مَاتَ أبي في شَعْبَانَ وقال الْعَتِيقُ بَلْ في شَوَّالٍ صُدِّقَ الْعَتِيقُ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْحُرِّ مع التَّعَارُضِ. الرَّابِعَةُ: لو شَهِدَا على اثْنَيْنِ بِقَتْلٍ فَشَهِدَا على الشَّاهِدَيْنِ بِهِ فَصَدَّقَ الْوَلِيُّ الْكُلَّ أو الْآخَرَيْنِ أو كَذَّبَ الْكُلَّ أو الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ فَلَا قَتْلَ وَلَا دِيَةَ وَإِنْ صَدَّقَ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا وَقُتِلَ من شَهِدَا عليه وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. بِالصَّوَابِ.
|